بسبب العديد من المشكلات الماليه مثل نقص السيوله وارتفاع نسب التضخم مطلع العام الحالي ، سيكون من المتوقع ان تلجأ العديد من الشركات العامله في قطاع التطوير العقاري لتوريق مديوناتيها لمواجه مشاكل نقص السيولة ، ولعل ذلك ماقد حدث بالفعل حاليا في قطاع هام وحيوي مرتبط بالقطاع العقاري ، وهو قطاع التشييد والبناء ، حيث لجأت شركات عاملة في مجال التشييد والبناء لإصدار سندات توريق بقيمة إجمالية تتجاوز مليار جنيه، فعلي سبيل المثال صدرت موافقة هيئة الرقابة المالية لشركة الجيزة العامة للمقاولات وشركاتها الشقيقة بإصدار سندات توريق بقيمة 332.7 مليون جنيه، كما فيما وافقت الهيئة لشركة القاهرة العامة للمقاولات وشركاتها الشقيقة بإصدار سندات توريق بـ 336.7 مليون جنيه، ولشركة الصعيد العامة للمقاولات وشركاتها الشقيقة على إصدار سندات توريق بـ 332.7 مليون جنيه.
الا ان التساؤل الاكثر اهميه هنا وهو ، هل تلجأ شركات التطوير العقاري الي توريق جزء من مديوناتها لمواجهه نقص السيوله بها لاستكمال مشروعاتها ، اي كان السبب وراء نقص السيوله، فلاشك ان فترات السداد لدى الشركات العقارية والتي وصلت أحيانا إلى 10 سنوات تضعها تحت ضغوط تآكل السيولة وبالتالي تلجأ إلى مصادر تمويلية مختلفه، وقد يكون الاتجاه نحو التوريق احد السيناريوهات لمواجهه ارتفاع نسب التضخم مطلع العام الحالي، فهناك راي انه من الأفضل للشركات تسييل جزء من أوراق المديونية المستحقة لها نظرا لارتفاع أسعار الخامات بوتيرة أعلى من أسعار الفائدة.
وتعد عمليات التوريق ضمن مصادر التمويل، وتعرف ببساطة بأنها عبارة عن تحويل ديون آجلة مستحقة للشركات إلى أوراق يمكن لمستثمرين آخرين شرائها، ما يوفر سيولة فورية للشركة المصدرة تمول بها خططها الاستثمارية، كما يعرف والتوريق هو تحويل مديونية عملاء شركة ما إلى أوراق مالية يتم بيعها لطرف ثالث، وبالتالي تستطيع الشركة تسييل مستحقاتها لدى العملاء وإعادة تشغيلها، حيث ان عمليات التوريق هي أموال مستحقة للشركات بصورة آجلة، وبالتالي عند توريقها لا تمثل دين على الشركة، خاصة في ظل انخفاض معدلات الفائدة، ولذلك تلجأ إليها أغلب الشركات العقارية، وهو مايفسر انه قد تكون الشركة في حاجة إلى سيولة مالية تساعدها على تسريع وتيرة الأعمال في مشروعات حالية، وبالتالي يساعدها ذلك على تفادي آثار التضخم خلال الفترات القادمه، حيث انه في خلال الفترة الماضية ربما زادت الأعباء على الشركات، وبالتالي تحتاج إلى تغطية هذه الأعباء بتكلفة أقل أو أنها تستعد لقفزات محتملة في أسعار مواد البناء خلال الربع الأول من 2022، وقد انتشر التوريق بين شركات التطوير العقارى خلال2021، وصارت بديلا مهما لسندات الشركات، ومن المنتظر أن تشهد السوق العقاريه المحلية زخما كبيرا في إصدارات التوريق هذا العام، حيث انه في 2021 -كانت بالم هيلز صاحبة أحدث إصدار لسندات التوريق بإغلاق قيمته 800 مليون جنيه أواخر شهر ابريل 2021.
وتتم عمليه التوريق من خلال سندات التوريق، والتي تكون مدعومة بأصول مالية، وهذا ما يحدد قيمتها، ويتم تجميع هذه الأصول وإعادة تجميعها كأوراق مالية قابلة للتداول وتكون في هذه الحالة سندات، ويقوم بإصدار هذه السندات شركات ذات غرض خاص وهي كيان قانوني منفصل عن الشركه التي ترغب في بيع السندات، ويتم إنشاؤها للقيام بهذا الغرض نيابة عنها وتبيع الشركه الأصول التي تدعم السندات إلى الشركة ذات الغرض الخاص وتحذفها من ميزانيتها ثم تقوم الشركة ذات الغرض الخاص بإصدار السندات، وتوفر عملية التوريق سيولة سريعة لشركات التطوير العقاري وتسمح للشركات بدفع الفوائد على أقساط بدلا من مبلغ على دفعة واحدة عن استحقاق السند، وبالنسبة للمؤسسات المالية، يعني تعزيز السيولة أنه يمكنها تقديم قروض بأسعار فائدة أقل، وبالنسبة للشركات العقاريه فإنها تتمكن من الحصول على السيولة النقدية في متناول يديها مع إحالة المخاطر إلى شركات الغرض الخاص، وتحقق شركات الغرض الخاص العائد من فرق سعر الفائدة التي قامات بشراء الأصول بها والفائدة على السندات التي تبيعها.
وتتيح عمليه التوريق لاصحاب شركات التطوير العقارى بديلا منخفض المخاطر عن للسندات السيادية وسندات الشركات نظرا لأن سندات التوريق دائما مدعومة بالأصول، فإن مخاطر التخلف عن السداد منخفضة نسبيا، كما تصدر عن عملية التوريق سندات “معززة بالائتمان” ما يعني أن تصنيفها الائتماني يكون أعلى من الأصول، وبالتالي على الرغم من تنافسيتها، فإن أسعار الفائدة التي تقدمها سندات التوريق ستكون عامة أقل من البدائل الأخرى والتى لا تقدم أي ضمانات في حالة انهيار كل شيء.
ويشهد نشاط التوريق في مصر توسع ملحوظ في السنوات الأخيرة لينمو حجم السندات المقيدة إلى 27 مليار جنيه (1.7 مليار دولار) في 2020 من حوالي 4 مليارات (255 مليون دولار) في 2016.
ولاشك إن اتساع نشاط التوريق والتخصيم لمحافظ الشركات العقارية خلال 2020، يعود بالأساس إلى الخطوات التى اتخذها البنك المركزى فى خفض أسعار الفائدة بنسبة بلغت خلال العام 4%، وزيادة فترات الأقساط التى تمنحها الشركات للعملاء بهدف تنشيط المبيعات، و إتمام مزيد من العمليات وانضمام شركات جديدة للاستفادة من هذه «الآلية التمويلية» خلال العام المقبل، خاصة مع استمرار البنك المركزى فى سياسة التيسير النقدى، وهو مامثل داعما قويا لنجاح آلية التوريق، والتي تساعد شركات التطوير العقارى على توفير السيولة المالية من خلال مواردها الذاتية والمتمثلة فى مستحقاتها لدى العملاء، حيث انه فى ظل الضغوط الشرائية والمنافسة بين المشروعات، لجأت العديد من شركات التطوير العقاري إلى تقديم عروض ترويجية بمدد سداد تجاوزت الـ10 أعوام، فى وقت تنتهى أغلب الشركات من مشروعاتها وتسليمها للعملاء خلال 4 أعوام، الأمر الذى خلق فجوة تمويلية وضغوطًا مالية على العديد من المطورين، ومع تراجع أسعار الفائدة، وانخفاض تكلفة التمويل، أصبحت آلية التوريق محط أنظار كثير من شركات التطوير العقارى، باعتبارها إحدى الأدوات التمويلية غير المصرفية، والتى لا تؤدى إلى زيادة الرافعة المالية لدى الشركات.
التعليقات مغلقة.