جريدة اخبارية شاملة
رئيس التحرير طارق شلتوت

أحمد أبو علي يكتب.. شركات التسويق العقاري ..حقائق غائبة في ملف شائك

من لا يستعد للأزمات.. يتعرض لها دائما، ومن لا يسع للتكيف مع تحولات الأسواق ومتغيراتها.. سيخسر يوماً ما، ومن لا يستشرف توجهات العملاء والمستثمرين يدفع الثمن باكياً.. ومن لا يتغير قبل التعرُّض للمخاطر.. تجبره المخاطر على التغير وهو مجبر،
ثمة حقائق أساسية، وهي أن السوق العقاري المصري يمر بمرحلة حساسة، صحيح أن أسعاره لن تنهار، لكنه من المرجح أن يتعرّض لموجة تصحيح سعرية، وصحيح أن أساسياته قوية، وأنه الأكثر قدرة على مواجهة الصدمات، لكن ثمة حقيقة مفادها أن البيئة التشغيلية باتت أصعب، فكيف استعدت شركات التطوير العقاري في مصر لتطور وتسوق العقارات محلياً أو حتى في الأسواق الخارجية لهذه المتغيرات والحقائق من حيث آلية تسويق وطرح مشاريعها؟ هل سيستمر هؤلاء فقط في طرح وعرض المشاريع المتكررة نفسها في العديد من المعارض العقاريه فاقده الجدوي ؟ ألم تراودهم فكرة ملل الزوار؟ ألم يفكروا في أن السوق العقاري يحتاج إلى أدوات تسويقية أكثر ابتكاراً؟ ألم يتوقفوا دقيقتين فقط أمام احتمالية تأثر القدرة الشرائية للمواطنين والمقيمين الراغبين في شراء عقارات في ظل البيئة الاقتصادية الحالية؟
على الأرجح أنهم يتصرّفون كما لو أن الاقتصادي والفيلسوف البريطاني جون ستيوارت ملّ يلقنهم عبارته الخالدة التي رددها في القرن الثامن عشر «ملاك العقارات يصبحون أغنى حتى أثناء نومهم».. غير أن هذه العبارة لم تعد صالحة الآن إلا للتقليديين والكسالى.. فالعقار سلعة.. والسلعة لن تسوق نفسها بنفسها.. حتى في قصص الأطفال لم يحدث ذلك.. لكنه يحدث فقط في خيال بعض مطوري ومسوقي العقارات في مصر الان.
ابان الأزمة المالية العالمية التي نشبت في أميركا والمعروفة باسم أزمة الرهون العقارية انتشر ملصق عليه صورة فأر. هذا الفأر يرمز لسمساري العقارات ويحمل مظلة سوداء ممسكاً حقيبته اللامعة هارباً من الخراب الذي سببه هو أصلاً وحاملاً ثروته الهائلة.. الصورة كانت تقليدية فالفئران أول من يفر من السفن الغارقة.. لكنها انتشرت سريعاً. فالأزمة أثرت آنذاك في حياة الاميركيين لكن مطوري ومستثمري العقار تحركوا بسرعة تسويقيا لاعادة الثقة لعملائهم وكان منتشراً آنذاك اعلان في برنامج مقدمة البرامج الأشهر في الولايات المتحدة اوبرا وينفري يقول «سوف يكون اعتقادي الأبدي هو ان شراء منزل خيار رائع.. لماذا!.. لأنك لا تستطيع أن تعيش داخل أسهمك ولن تفترش الأوراق المالية لتنام عليها، ولا تسع لاقناعى أنك ستقيم في صندوق استثمار مشترك.. لكن عند شرائك للعقار يكون ذلك هو الوقت الذي تذهب فيه ليس فقط لابرام صفقة جيدة في وقت الركود.. وانما تذهب أيضاً لعقد صفقة عمرك ، وأمام ملصقات الفأر الهارب انتشرت حملات تسويقية مضادة بعضها استعار عبارة الملياردير الاميركي جون ألفرد بولسون التي تقول «إذا كنت لا تملك منزلا اشتر واحداً.. واذا كنت تمتلك منزلاً واحداً فاشتر آخر اضافيا.. أما اذا كنت تمثل منزلين فاشتر الثالث وأقرض أقاربك أموالاً ليشتروا هم أيضاً».
آنذاك ايضاً انتشرت عبارات تسويقية ودعائية من قبيل «شراء منزل أكبر لا يعني بالضرورة إنفاق المزيد من المال» جنباً إلى جنب مع «نحن نحول الاستثمار إلى علاقات استثمارية» و«لا تشتر مني عقاراً اذا لم تكن مستعداً للربح» و«معنا ستشعر بأنك محط اهتمام العالم كله» و«سنفعل ذلك سويا.. سنفعله مرة أخرى» و«سنقودك إلى طريق منزلك» و«أنا السمسار الخاص بك.. أهلا بك في منزلك» و«الأداء السابق ضماننا للنجاح في المستقبل» و«انها السادسة والنصف مساء.. عزيزي هل تعرف أين منزلك المقبل؟» و«سنبيع منزلك.. اذا فشلنا.. سنشتريه.. هكذا بكل بساطة» و«نحن لن نختفي بمجرد التوقيع على العقود، وفي إطار مواجهه ماسبق ذكره تحركت شركات العقار الاميركية للتواكب مع متغيرات السوق بمرونة فائقة من الناحية التسويقية من خلال رصد منسوب الثقة لدى المستثمرين وقياس معدلات احجامهم عن الشراء وطرح ادوات تمويلية جديدة وتغيير الخطاب السائد الموجه للشرائح المستهدفة وتوسيع الخيارات أمام العملاء.. ثم ماذا حدث؟
عادت الثقة مجدداً ونجحت الشركات في استقطاب عملاء جدد ومواجهة الأزمة.. لماذا؟
لقد ادركوا المتغيرات وتعاطوا معها مبكراً..
ثمة حقيقة مؤكدة وهي أن من لا يدرك أن سقف بيته بات متهالكاً.. سينهار على رأسه يوماً ما.

ومنذ أن بدأ القطاع العقاري في مصر يشهد حاله من الرواج والتوسع وخاصه ضمن المشروعات العمرانيه الجديده التي شهدها السوق العقاري المصري علي مدار السنوات الخمسه الماضية ، وهو مع بدايه التأسيس لمرحله جديده من التطوير العقاري في مصر ، والتوجه نحو مفاهيم وأنماط عمرانيه جديده علي شكل ونمط الاستثمار العقاري في مصر ، كان ذلك سبيلا قويا نحو تحفيذ الطلب علي المنتج العقاري المقدم ، ليس فقط المستهلك المحلي ، بل أصبح المستهلك الاجنبي أيضا شريك قوي في تكوينه الطلب علي المنتج العقاري المصري ، وراح الحديث عن مفاهيم جديده مثل تصدير العقار ، والذي مازال حتي الآن في مصر لم يخرج بالشكل والإطار الذي يحدث القيمه المضافه علي الصناعه العقاريه.

- Advertisement -

وفي خضم تحولات عديده ومتغيره ومتلاحقه شهدها السوق العقاري المصري خلال الفتره الماضيه، كان ذلك دافعا قويا لظهور فاعلين متعددين ومؤثرين في معادله الصناعه العقاريه ، من أهم هؤلاء الفاعلين هي شركات التسويق العقاري ، والتي استطاعت أن تلعب دورا محوريا في إنجاح أو إفشال شركات التطوير العقاري ، وأصبح المطورين العقاريين يعتمدون بشكل رئيسي علي شركات التسويق العقاري في مبيعاتهم ، وهو أيضا ماكان سببا رئيسيا في. تأسيس وانتشار العديد من شركات التسويق العقاري ، وهي ربما ماقد تكون ميزه ، والتي سرعان ما أصبحت تمثل عبأ علي الصناعه العقاريه ذاتها ، بل كانت سببا في ظهور العديد من الظواهر الغير معتاده علي القطاع العقاري في مصر مثل ظاهره الكاش باك علي سبيل المثال ، بل أضرت كثيرا بالصناعه العقاريه ، وفي ظل سوق عقاري لايحكمه اي معايير أو ضوابط أو قوانين صارمه ، تمكنت شركات التسويق العقاري من أن تصبح محركا قويا ومتحكما في بوصله هذه الصناعه، وحتي نكون محقين – فإن العديد من شركات التطوير العقاري نجحت واستطاعت أن تستكمل مسيرتها داخل القطاع العقاري وخاصه الشركات ذات العهد الحديث بالاستثمار العقاري بفضل شركات التسويق العقاري ، ومن هنا أصبحت كافه شركات التطوير العقاري تعقد الامل بقوه علي شركات التسويق العقاري في تحقيق نسب مبيعات مرتفعه لها ، وسلكت في ذلك دروبا مختلفه لاجتذاب اكبر قدر ممكن من شركات التسويق العقاري لتسويق مشروعاتها، ومن هنا رأينا نسب عمولات اقرب للخيال و سرعان ماصبح ذلك الأمر تحديا وعبأ ماليا ضخما علي شركات التطوير العقاري ، بل إنها تطالب الان بتخفيض نسب تلك العمولات ، وهو مافتح الباب أيضا لشركات عديده أن تنضم حديثا لقطاع التسويق العقاري ، وهو مايستدعي الان بضروره إيجاد تشريعات تنظم عمل شركات التسويق العقاري ، هذا أن استطعنا نحن أن نجد إحصاءا دقيقا لعدد تلك الشركات ، وهل تلك الشركات تلتزم بدفع حقوق الدوله من ضرائب ورسوم هذا من ناحيه ، لذا فإن شركات التسويق والتطوير العقاري في مصر الان- باتت بحاجة لتطوير ادواتها الدعائية والتسويقية بصورة أبعد من المشاركة في المعارض العقارية.. انها بحاجة لاستراتيجية تسويقية تعتمد على تسعير العقارات بشكل يوسع دائرة العملاء المستهدفين عبر تقسيمهم إلى شرائح إلى جانب تقديم خدمات مجانية مثل الاستشارات القانونية وإدارة أملاك الغير، فضلاً عن تحسين الشروط التمويلية المقدمة للعملاء وطرح مشاريع جديدة بدلاً من تلك التي «حفظها» العملاء عن ظهر قلب وكذلك تدريب المسوقين ومسؤولي المبيعات على الادوات التسويقية، خصوصاً أن أداء كوادر التسويق العقاري في الكويت «ضعيف للغاية» ولا يتواكب مع المتغيرات المتسارعة في سلوك العملاء ولا يأخذ في الاعتبار توجهاتهم ولا يهتم حتى بخدمات ما بعد البيع بالقدر الكافي.
لكن المهمة الأصعب هي تعزيز الثقة لدى العملاء، خصوصاً أن قطاعاً واسعاً منهم يترقب أسعاراً أقل للعقارات، وبالتالي فإن الشركات مضطرة لبذل جهود تسويقية أكبر لاخراج العملاء من حالة الترقب والحذر إلى مرحلة الشراء.

أن الدرس الأكبر للتسويق العقاري هو أن المرونة في التواكب مع متغيرات السوق تحقق دائماً النجاح، أما الذين يفضلون الأدوات التقليدية فلديهم بالتأكيد حرية التجربة.. لكن الادوات التقليدية في بيئة تتغير سلوك خاطئ.. ومن يخطئ في الاستثمار العقاري يختفي من المشهد تماماً.