جريدة اخبارية شاملة
رئيس التحرير طارق شلتوت

الدكتور محمد فتحي يكتب..الضاحكون علي طارق شوقي

لدي ثلاثة أبناء في مراحل التعليم المختلفة، وعمل يجعلني أتابع الصفحة الرسمية للدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم .. وبعيدًا عن التعليم نفسه، لفت نظري أن الضاحكين في الريأكشنات على بوستات طارق شوقي – أيًا كانت – أكثر من المعجبين !!! .. لا أجد ( إفيهات ) فيما يقوله الرجل الذي لعب أدوارًا ربما يستنكف وزير آخر أن يقوم بها، ومعلوماتي أن الرجل كان زاهدًا في هذا المنصب ويريد أن يظل في المجلس الاستشاري الرئاسي وكفى، لكن قيل له ما معناه أنه حان الوقت لتطبيق ما نطالب به على أرض الواقع، وهكذا أصبح أستاذ الهندسة الذي عمل في اليونسكو، وأدخل بنك المعرفة ( المذهل بشهادة كل الخبراء الأجانب) كهدية للمصريين، أصبح وزيرًا للتعليم يطور في الكتاب المدرسي، ويحدث في المناهج، ويتعاون مع مؤسسات عالمية، ويطور في منظومة التعليم الفني في مصر تطويرًا سيحكي التاريخ عنه مستقبلًا حين يدرك الوعي الجمعي المصري أنه فوت فرصة الارتقاء بمستوى بلده من خلال التعليم الفني المتميز الذي يقدم، سعيًا وراء ( برستيج) الثانوية العامة !! .. ومع كل ذلك .. ريأكشنات الضحك عند طارق شوقي في تزايد !! .. وأشاهد من الكومكسات ما يجعلني أدرك أن ما لا يصدقه البعض عما يتعرض له الرجل ويحكيه ويسرده أحيانًا هو حقيقي .. فحرب الهاشتاجات أصبحت معتادة، ورأيت شخصيًا بحكم عملي كيف تدار وتشارك فيه لجان إلكترونية حقيقية ، وها هنا أتحدث عن حقيقة وليس عن مكايدة أو دفاع .. كما أن الميراث العتيق لولي الأمر المصري الذي يريد لابنه النجاح وخلاص أيًا كانت الطريقة هو ما يجعله يسارع للتليجرام، وللهاكرز، ويتابع تنظيمات الكترونية مدعومة لإفشال التجربة .. أقول ذلك مرة أخرى عن معلومات ولا أبرئ الوزير أو الوزارة من أخطاء، لكنها ليست خطايا بالمرة .. يتفاعل الوزير ربما أكثر من اللازم في بعض الأحيان في ظل عدم وجود متحدث رسمي أو مستشار إعلامي .. يلعب في جميع المراكز .. يشترك في جروبات الماميز ويتفاعل ويشتبك ويناقش ويرد على صفحته وفي صفحات أخرى، ويعقب ويصحح وينفي، ويلعب أدوارًا أخرى كان يمكن أن يخولها لآخرين لولا أنه اختار أن يكون في ( وش المدفع)، فها هو لا يستنكف الإعلان عن جداول الدروس على قناة مدرستنا التي نشأت لتعويض الطلاب عن عدم ذهابهم للمدارس في كورونا، وفي نفس الوقت يرد طارق شوقي على وزير سابق كتب على صفحته الشخصية معلومات مغلوطة عن تصنيف قديم لمصر في التعليم، ومع ذلك .. كانت بعض الريأكشنات على رده : الضحك !!!
مسألة مدهشة بالنسبة لي، جعلتني أدخل لصفحات بعض الضاحكين لأجد أنهم في الغالب طلبة مراهقين، أو أولياء أمور، والكل غير راضي بالتأكيد .. والبعض يستسهل إبداء رأيه بريأكشن، أو كومكس، أو يضع الرجل في مرمى نيران النقد، أو يحمله خطايا عشرات السنين من إهمال التعليم وإهمال إصلاحه .. بالطبع هنا لا أتحدث عن ملاك، فلطارق شوقي أخطاء، وله مزاج أحيانًا يجعله يخسر كثيرًا حين يسهل استفزازه، أو ( يجيب آخره ) باللغة الدارجة، لكن .. ومع كل هذا .. هل يستحق الأمر الضحك ؟؟! .. نحن نضحك دائمًا من الجميع، ولو لم نجد من نضحك عليه ضحكنا على أنفسنا .. مفهوم .. شعب ساخر بطبعه .. مفهوم .. لكن أرى أن هناك مشكلة في تعاملنا مع ( مشكلات) التعليم .. والتي لن تنتهي بالضحك، لكن بحوارات مجتمعية في بعض القضايا، وبإدراك حقيقي لأن التعليم يجب أن يدار كما يجب أن يكون وليس بما يطلبه المستمعون ..
يقول الرئيس السيسي :
” لما جيت دخلت في التعليم بجد .. عشان نصلحه .. الدكتور طارق شوقي ده خد على دماغه لما مات .. انتو عايزين تعليم والا مش عايزين تعليم ” ؟؟ .. يربط الرئيس بين التخصصات المطلوبة بالفعل وبين عدد خريجي الكليات التي لا يستقيم أبدًا أن يلتحق بها كل هذا العدد .. يشير ونشير لمنظومة تحتاج لإعادة هيكلة .. أو لأكن أكثر وضوحًا .. منظومة تحتاج لنسف .. حيث الكل في سباق محمود مع ورقة امتحان لدخول كلية لن تقدم شيئًا في النهاية لا لخريجيها والدارسين بها ولا للبلد التي لا تحتاج لكثير من التخصصات، وكل ذلك لابد أن ينتهي .. لكن ليس بين يوم وليلة ..
جملة الرئيس بكل صدقها وتوصيفها الدقيق لما يجري مع الرجل .. يجب أن تكون بداية لكي نقلل الضحك .. ويكثر العمل .. والدعم لهذا الرجل .. وأن تكون نقطة انطلاق لديه هو الآخر لكي يدرك أن هذا ( الدعم ) في هذه الجملة .. يجب أن يستتبعه هدوء أكثر .. وعمل أكبر .. وتجاهل للضحك .

كاتب صحفي ومدرس بقسم الإعلام جامعة حلوان