جريدة اخبارية شاملة
رئيس التحرير طارق شلتوت

الدكتور محمد راشد يكتب : الاستدامة.. ومستقبل صناعة العقار

في شهر نوفمبر من عام ٢٠٢٢ اتجهت الأنظار وانصب الاهتمام العالمي على مصر ، وذلك في إطار إستضافه مصر لمؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2022 «COP27»، والذي شهد حضورًا عالميًا ومشاركة واسعة عُرض خلالها كافه المشروعات بكافه القطاعات الاقتصاديه ، والتي تهدف مصر إلي تنفيذها في مجال الاستدامة وحماية البيئة، وبكل تأكيد تعتبر صناعة العقار من بين القطاعات الأكثر إصدارًا لانبعاثات الكربون، ويعتبر القطاع العقاري من أحد الأسباب الرئيسية في ظاهرة الاحتباس الحراري، حيث ينتج عن النشاط العقاري نسبة 40% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم، وبكل تأكيد فإن مصر كانت حريصه منذ اللحظه الاولي أن تتماشي كافه توجهاتها وفق معايير الاستدامه والتحول نحو الاقتصاد الأخضر ، ولعل ذلك اتضح بقوه في رؤيه مصر للتنميه المستدامه ٢٠٣٠ ، والتي من خلالها وضعت الدولة المصرية رؤيه وفق تصورات زمنيه تتحرك من خلالها الدوله لتحقيق الاستدامه البيئيه في كافه القطاعات الاقتصاديه ، ولعل القطاع العقاري كان واحدا من بين تلك القطاعات الاقتصاديه الهامه ، وهو ما كان سببا في اقتحام الدوله المصريه لملف بناء مدن الجيل الرابع والمدن الصديقه للبيئه ، ولعل تلك المدن بالاضافه الي تأثيرها الإيجابي علي القطاع العقاري من خلال استحداث نظم عمرانيه جديده لم تكن معتاده من قبل داخل قطاع الاستثمار العقاري المصري ، ألا أنها بكل تأكيد ستكون لها إنعكاسا إيجابيه قويه علي صعيد تحقيق الاستدامه البيئيه ، وظهر ذلك بوضوح في طرح مدن جديدة، في مقدمتها العاصمة الإدارية، على مساحات واسعة وذات معايير بيئية متفق عليها، بما يمكن من تحقيق معايير الاستدامه العمرانيه ومن ثم الاستدامه البيئيه، كما أن غرفة التطوير العقاري كان لها دورًا قويا من خلال المشاركه في مؤتمر المناخ وتوقيع بعض الشركات التابعة لها على إعلان مبادرة المجتمعات المستدامة في مصر التابعة للميثاق العالمي للأمم المتحدة الشبكة المصرية، وتقديم مقترحات لدعم المطورين لتطبيق آليات الاستدامة على نحو أشمل وأوسع، بما يعجل من فكره تحقيق الاستدامه العمرانيه وتصبح مفهوما عاما لنظام العمران والبناء في مصر.
و منذ عدة سنوات ظهر مصطلح يسمي بالمدن المستدامه أو المدن الخضراء، خاصة بعد إعلان الأمم المتحدة استراتيجية التنمية المستدامة التى تتكون من 17 هدفا، وتعد أحد أهم أهداف استيراتيجية مصر 2030 لتحقيق التنمية المستدامة، انطلاقا من الأهداف الأممية للتنمية حيث تتجه أغلب دول العالم إلى إنشاء المدن المستدامة، لأنها ببساطة هى صورة جديدة لحياة صحية وآمنة، تعتمد على استخدام الطاقة والكهرباء والمياه، وخاصة الطاقة النظيفة الجديدة والمتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وأن يكون لديها منظومة فى اعادة تدوير المخلفات وتقليل الملوثات بها ، وبلاشك إنطلقت مصر نحو إنشاء هذا النوع من المدن المستدامه، وبدأت الدولة تسعى لتوفير البنية التحتية اللازمة لبناء هذه المدن، و توفير المواقع ذات المناخ الملائم والقريب من المياه، واختيار نوعية التربة الزراعية الملائمة، لتكون الملاذ الأخير للمواطنين من أجل عيش حياة صحية نظيفة ، ومن أهم معايير المدن المستدامة هى كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة، بحيث يتم توجيه المبنى للاستفادة من الطاقة الشمسية والإضاءة الطبيعية والظل، ومعرفة تأثير المناخ المحلى على البناء، إضافة لكفاءة غلاف المبنى الحرارية والنوافذ، وأن تتضمن مصادر بديلة للطاقة المتجدده، حيث يأتى معيار مصادر بديلة للطاقة المتجددة أيضا ضمن المعايير التى يتم مراعاتها في المدن المستدامه، وكذلك تقليل كميات الاستهلاك من الطاقة الكهربائية والمائية، والحد من الآثار البيئية المباشرة وغير المباشرة، كالحفاظ على الموقع وسلامة الغطاء النباتى أثناء عملية التشييد، واستخدام المكافحة المتكاملة للآفات، أضافة لاستخدام النباتات الموجودة، فى الموقع فى الحدائق المحيطة للمبنى، والتقليل من الاضطرابات فى أماكن تجمع المياه القريبة وعدم تلويثها، وكذلك يعد الاهتمام بمدي تأثير المواد المستخدمة على طبيعة الهواء والماء وعدم تلويثها مستقبلا، أحد أهم هذه المعايير التى يتم مراعاتها أثناء تنفيذ المدن المستدامة، إضافة لمعرفة كمية الطاقة اللازمة لاستخراج المواد المستخدمة فى البناء، وحفظ المواد وإعادة تدويرها، والمواد المعاد استخدامها وتدويرها فى إنشاء المباني، وكيفية استخدام مواد قابلة لإعادة الاستخدام مستقبلا، واستخدامها، وإعادة استخدام بعض أجزاء المبنى والمعدات والأثاث، ومن أهم المعاير أيضا التى يتم مراعاتها أثناء اقامة المدن المستدامة التقليل من مخلفات البناء، والحطام الناتج من إعادة التدوير، والعمل على فصل النفايات وتصنيفها طبقا لخصائصها، اضافة الى التقليل من التخلص من المياه العادمة، من خلال إعادة استخدام هذه المياه (gray water) ومعدات توفير المياه، واستخدام مياه الأمطار فى الرى، ومراعاة الجودة البيئية فى الأماكن الداخلية

وبالنسبه للبعد البيئي للاستدامه تحقيق شروط مراعاة الجودة البيئية فى الأماكن الداخلية، أن يكون محتوى المركبات العضوية المتطايرة من مواد البناء، والتقليل من فرص النمو للجراثيم، وإمدادات كافية من الهواء النقي، ومراقبة المحتوى الكيميائى والمركبات العضوية المتطايرة من عمليات التنظيف، والتحكم الكافى فى كمية الضوضاء، والسماح للإضاءة الطبيعية بالنفاذ إلى داخل المبنى.

- Advertisement -

وبالنسبه للبعد الاجتماعي للاستدامه يتم تحديدها بحيث يمكن الوصول إلى الموقع من خلال وسائل النقل الجماعي، والمشى واستخدام الدراجات، والانتباه إلى القيمة الثقافية والتاريخية للمبنى، والانتباه إلى التغير المناخى كعامل لتحديد طبيعة تصميم المبنى واختيار المواد.

عضو مجلس إدارة غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات