جريدة اخبارية شاملة
رئيس التحرير طارق شلتوت

أحمد منصور : اكتسبنا خبرة مواجهة الأزمات.. والإدارة الرشيدة تنقذ شركات التطوير العقاري

تضمنت الجلسة الثانية، بعنوان “التكلفة والتعويضات.. المطور بنهاية السلسلة” عدداً من المحاول تمثلت في كيفية خلق آلية لدعم ومساندة المطور عند الأزمات، وهل المناخ الحالي يمثل حماية لأي مطور يتعرض لتعثر أو توقف في المشروعات، وما مدى التزام المطورين بتنفيذ أفكار جديدة عند الانطلاق.

وانصب حيث هذة الجلسة على افتراضية المطور الجاد، والذي يرغب في تنفيذ المشروع وبالفعل حقق نسب إنجازلا بأس بها على أرض الواقع، هذا المطور تعرض لعدة مستجدات وتجديات اقتصادية على الساحتين الداخلية والخارجية، أثرت بشكل مؤكد على خططه ورفعت تكلفة المشروع.

- Advertisement -

واشتملت الجلسة على 5 من المتحدثين، تنوعت مجال عملهم بين التطوير العقاري والمقاولات والاستشارات الهندسية.

وجاء ذلك خلال مؤتمر التطوير العقاري السنة السادسة الذي تنظمه شركة المال جي تي إم في 30 أكتوبر من كل عام، تحت عنوان “تحديات ترسم مستقبل القطاع العقاري”، ويضم أربعة جلسات متتالية، ترتكز كل جلسة على مناقشة أبرز ملامح القطاع خلال عام 2022، والقضايا محل الاهتمام لدى المطورين العقاريين.

في البداية رحب مدير الجلسة شريف عمر رئيس قسم العقارات بجريدة المال بالحضور، ووجه سؤالاً عاماً وهو “بشكل عام، ما البنود الأساسية التي يحتاج المطور التركيز عليها في بداية مشروعاته المتنوعة؟”

قال أحمد منصور الرئيس التنفيذي لشركة “cred” للتطوير العقاري، إن المطور بحاجة إلى أن ينصب تركيزه على الإعداد الجيد لدراسات السوق ودراسات الجدوى، علاوة على أن يتسم نشاطه بالوضوح والشفافية طبقاً للظروف المخيطة بالقطاع.

وتابع أحمد منصور، أنه يلزم أن يكون المطور على وعي كامل بالتحديات الموجودة بقطاع التطوير العقاري، سواء من ارتفاع أسعار مواد بناء، أو تراجع قيمة العملة المحلية، أو ضعوبة تدبير المواد المستوردة، وأخيراً الركود التضخمي العالمي، ليتمكن من مواكبة تلك الأحداث، ويتفادى عنصر المفاجأة بالسوق.

وأكد أن تدهور قيمة العملية المحلية تسبب في خسارة للمطورين العقاريين، سواء على صعيد المبيعات، أو المشاكل التمويلية، إذ ترتفع تكاليف التنفيذ، وهو ما يختاج إلى حجم تمويل أكبر، ومن ثم تأخر معدلات التنفيذ والسداد، وهو ما يقود إلى حدوث تعثر لدى بعض الشركات، ولكن بنسبة ضئيلة للغاية وهي 10% فقط من الشركات العاملة بالسوق، وهذا أمر ليس بغريب.

و بالنسبة إلى متطلبات العملاء في الوحدة السكنية، أوضح منصور:” العميل ليس بحاجة لكل هذا التعقيد الذي شهدناه في الفترة الأخيرة في تصميم الوحدات السكنية، فالعملاء أكثر بساطة من المشروعات المدشنة في الحقبة الماضية، وهو يحتاج فقط لمكان بسيط ومريح وبه كل احتياجاته الحالية والمستقبلية”.

وأفاد منصور أن الاقتصاد، لاسيما بالقطاع العقاري، مر بالعديد من الأزمات في الآونة الأخيرة، وهو ما شكل خبرات جيدة عند معظم العاملين بالقطاع لتفادي الأزمات الحالية ومواجهتها بالشكل الصائب، وكذلك إتباع الأساليب الرشيدة للتعامل مع العقبات.

و بالتتابع، قال فتح الله فوزي رئيس شركة مينا للإستشارات العقارية ان السوق خلال القترة الماضية شهد بيع مشروعات عقارية باقل من اسعار تكلفتها ،مبينا ان سعر المتر بالسوق في الوقت الحالي يتراوح من 3000 إلى 8000 جنيه مصري و انه على المطورين تسعير المشروعات وفقا للتكلفة علاوة على حساب سعر المتر عند الإنتهاء من المشروع .

و تابع انه ، على المطورين دراسة نسبة التضخم علاوة على قراءة السوق بشكل جيد قبل البدء في تنفيذ اية مشروعات ،بالإضافة إلى متابعة المشروع بشكل ربع سنوي ،مشيرا إلى ان حساب تكلفة للمشروعات و توجيه المطورين، إلى جانب المحافظة على الاصول تسهم في نجاح المشروعات و التغلب على الازمات المالية و الإقتصادية المتكررة .

و ارجع إختفاء عدد من شركات التطوير العقاري من السوق بشكل مفاجيء و متكرر إلى الدراسات الخاطئة التي يتم وضعها قبل البدء في التنفيذ ، متابعا ان المطورين يخطئوا في تسعير الوحدات و التي يجب ان تسعر بإختلاف مراحل البناء علاوة على اهمية حساب الكلفة الهندسية .

وانتقل مدير الجلسة بتوجيه سؤال لأحمد عبدالله نائب رئيس مجلس إدارة شركة ريدكون للتعمير، عن رؤيته لأبرز تحديات الثطاع العقاري سواء كان على صعيد التنمية العمرانية أو المقاولات، وأجاب عبد الله أن بداية تطوير أول مشروع تبدأ من أول اختيار مكان المشروع وإعداد دراسات الجدوى، ومن ثم تحديد مراحله، مرواً باحتساب تكلفته التمويلية، وختاماً بحصر المخاطر الممكن حدوثها خلال فتره إنشائه.

وأوضح عبدالله كل سوق وله مخاطر معينة، فمثلاً السوق المصرية تكمن أبرز مخاطره في سعر صرف العملة، إذ ارتفع سعر الدولار الأمريكي بنسبة 46% أمام الجنيه المصري، وفقاً لحسابات البنك المركزي، بالإضافة إلى وجود ندرة في معظم المواد المستوردة، حيث تعتمد معظم صناعة العقار على الاستيراد من الخارج، وهو ما شكل عبء إضافي على الشركات العاملة بالسوق المحلية، فهناك حالة من عدم توافر المواد اللازمة للانتهاء من المشروعات، سواء كانت سكنية، فيوجد نقص في مواد البناء، أو صناعية، حيث يوجد نقص في مواد الإلكتروميكانيكال.

وتابع، أن التعويم الحر للعملة يوم الخميس الماضي، وإتباع نظام سعر صرف مرن يقوم على مبدأ قوى العرض والطلب، قد يزيد التكلفة بنسبة تتراوح بين 13% إلى 20%، وبالتالي يحتاج المطور إلى تسعير الوحدات بشكل صائب قبل عملية الطرح والبدء في إنشاءات مراحل المشروع.

ولفت إلى أنه مع وجود العديد من المخاطر التمويلية، فإن هناك العديد أيضاً من مصادر التمويل المختلفة، فإذا وجد المطور صعوبة في الحصول على قرض من البنوك المصرية، فإنه قد يلجأ للأدوات التمويلية الغير مصرفية، والتي منها سندات التوريق والتأجير التمويلي، الصكوك الإسلامية، والسوق العقاري شاهداً على كثير من هذة الآليات.

ونوه أنه من الضروري تحديد المطور لنوعية التمويل الذي يحتاجة المشروع سواء كان طويل المدى أو قصير المدى.

وبالنسبة للتمويل العقاري، أفاد عبدالله أنه يستحيل تفعيل آلية التمويل العقاري بشكلها صحيح في ظل وجود أسعار فائدة مرتفعة للغاية، فتنشيط هذة الآلية يحتاج إلى نعدلات فائدة معتدلة على الأقل.

و في سياق متصل اوضح محمد طارق المدير التنفيذي لمنطقة شمال افريقيا بشركة اتحاد المقاولين العالمية CCC ان، سوق العقارات المصرية يشهد اليات تسعير غير منطقية فيما يخص عمليات البناء ، مبينا ان الكلفة تعتمد على خبرة المطور العقاري علاوة على ان شركات المقاولات لا تقوم بالتسعير بالمتر المربع .

و اكد طارق ان ، المطور الناجح عليه ان يدير عدد من المخاطر فيما يخص الإستثمار في مجال العقارات منها مراقبة كلفة المشروعات و تحديد الاسعار على المدى القريب في ظل الازمات الإقتصادية الحالية بالإضافة إلى الثبات على الاسعار و عدم تغييرها بإستمرار ،خاصة إذا وصل المشروع إلى مراحل متقدمة في بناؤه ، لافتا إلى احقية العملاء فهم اليات التسعير .

و اوضح ان ، هناك نوعين من المخاطر تواجه المطورين العقاريين هما : توافر العملاء و تدبير العملة الصعبة في ظل التقلب المستمر في اسعار صرفها ، منوها ان وجود ثقافة الحوار مع العملاء علاوة على تقييم ظروفهم الإعتمادية من اهم إجراءات التحوط ضد تلك المحاطر ، خاصة و ان شركات القطاع العقاري غير قادرة على تحمل كلفة التعثر المالي للعملاء.

وعلى صعيد متصل، انتقلت الكلمة لشريف جمال الشريك المؤسس لمكتب “أر أم سي” للاستشارات الهندسية، إذ تركز حديثه حول أن المطور هو الوحيد القادر على مساعدة نفسه في تخقيق هدفه المرجو من تطوير الأراضي، وليس أي طرف آخر.

وقال شريف جمال إن المطور يجب أن يتسم بوجود رؤية محددة له، لإعداد دراسات السوق والدراسات التصمينية القائمة على تقديم منتج مبتكر وبسعر تنافسي، علاوة على ضروره إدراكه للمخاطر المحيطه به، سواء كانت محلية أو خارجية.

وأوضح جمال أنه ليس كل مستثمر مطور، فالمطور يميزه وجود رؤية واضحة ومحددة، أما المستثمر فيبحث عن الربح بشكل أولى دون النظر لمستهدفات مشروعه أو نوعيه التصميم الذي يحتاجه، أو الفئة المختارة للمشروع.

وتابع أن الفيصل بين مطور وآخر هو مدى صواب القرارات المأخوذة خلال حقبة المشروع، فجميع المطورين في السوق حالياً يجمعهم عنصر الجدية، ولكن الفرق إذا كانت عملية إتخاذ القرار تسير في دورتها الصحيحة أم لا، ثم ينتقل بعضها لأصحاب الخبرة سواء كانت استشارات للتصميم، أو مقاولات للتنفيذ.

وأفاد الشريك المؤسس لمكتب “أر إم سي” للاستشارات الهندسية أن دور المكتب يتمثل في مساعدة المطور في عملية الاستشارات، من خلال إعداد دراسات السوق والرسومات التصميمية، وذلك بواسطة تحديد المطور لتكلفة المشروع يتحرك من خلال المكتب، ويضع ما هو متماشياً معها.

وأشار إلى أن جمعية رجال الأعمال للاستشارات الهندسية عقدت عدة اجتماعات في الفترة الأخيرة لبحث آليات توفير المادة الخام المستوردة في السوق المحلية، وذلك من خلال حث المصانع على إنتاج تلك المواد والارتقاء بها لمستوى المواد المستوردة، بجانب الاعتماد عليها بصفة أسساسية في استكمال المشروعات، وذلك في إطار عملية توطين الصناعة.

وعاد مدير الجلسة مرة أخرى موجهاً سؤالاً لأحمد منصور الرئيس التنفيذي لشركة كريد للتطوير العقاري، حول رؤيته لمناخ الاستثمار في مصر في قطاع العقارات، وهل هو كافي حالياً لتنمية وتطوير القطاع، أم يحتاج عدداً من الحفزات ذات التأثير الكبير ليستكمل عملية تقدمه؟.

ورداً على سؤال مدير الجلسة، قال أحمد منصور إن التجارب الماضية أثبتت أن لاشيئ يدوم، وجميع العقبات يمكن تجاوزها والمضي قدماً نحو هدف الشركة المخطط له، فهذة ليست المرة الأولى على القطاع أن يواجه تلك التحديات العصيبة.

وبسؤاله عن الآليات المطلوبة لدعم المطورين العقاريين، ركز منصور بشكل أكبر على ضرورة دعم الدولة وحمايتها للعميل، مشيراً إلى أن المطورين المتعثرين بحاجة أيضاً إلى دعم ومساندة الدولة، سواء كان من خلال مد أقساط الأراضي أو زيادة مدد التنفيذ، أو تسهيل منح التمويلات اللازمة لاستكمال المشروعات، أو منح تعويضات نتيجة لارتفاع الأسعار وتراجع سعر صرف العملة المحلية.

وتابع، أنه بعد قرار المركزي يوم الخميس الماضي بإتباع نظام سعر صرف مرن يخضع بالكامل لقوى العرض والطلب، ما أسفر عنه وصول الدولار لمستوى 24 جنيه مصر، فمن المتوقع أن تسجل التكاليف زيادة قدرها 15%، سيتم فرضها على مراحل مختلفة للبيع.

وفي رأي فتح الله فوزي رئيس مجلس إدارة شركة مينا للإستشارات ان هناك عدد من الاليات المطلوبة لدعم المطورين العقاريين ابرزها : تاجيل اقساط الاراضي و زيادة فترة إنشاء المشروعات علاوة على إستحداث اليات جديدة للتمويل منها : التاجير التمويلي و الذي يلجأ إليه 90% من المطورين العقاريين.

وكان آخر البنود التي نوقشت أثناء الجلسة الثانية هي فكرة تبني معايير الاستدامة والمباني الخضراء، وأثرها على رفع تكلفة إنشاء العقارات، وبدأ المتحدثون في إبداء آرائهم بذلك الشأن.

أكد احمد عبد الله نائب رئيس مجلس إدارة شركة ريدكون للتعمير ان ، هناك إتجاه عالمي صوب الابنية الذكية و الخضراء التي تتميز باسعار إنشائية ملائمة لشريحة محددة من المستهلكين ، مشيرا إلى ان إرتفاع اسعار العقارات الحالي بسبب توافر الخدمات في المجمعات السكنية و المشروعات العمرانية.

و تابع ان الابنية الذكية و الخضراء تسهم في توفير من 25 إلى 30 % من استهلاك الكهرباء الامر الذي يؤدي إلى تخفيض كلفة البناء ، مشددا على اهمية ان يدرس المطورين المتغيرات السوقية المخنلقة في قطاع العقارات خاصة و ان زيادة عدد الخدمات تؤدي إلى الرواج في عمليات البيع.

و اكد محمد طارق المدير التنفيذي لمنطقة شمال افريقيا بشركة CCC ان ، التحدي الاكبر الذي يواجه المطورين في بناء المدن الخضراء و الذكية هو دعم الدولة للمرافق العامة مثل الكهرباء.

و اشار إلى ان ، صناعات مواد البناء لا تقتصر على الاسمنت و الحديد فقط بل تشمل المنتجات الإلكتروميكانيكيىة ، لافتا إلى ان المطورين بداوا بالإعتماد على المنتجات المحلية خاصة و ان عدد المشروعات المحلية اكبر من القدرة الإستيعابية للسوق العقاري بمصر.

ومن وجه نظر شريف جمال الشريك المؤسس لمكتب رأفت ميلر للاستشارات الهندسية، ان معايير الاستدامة أصبحت ضرورية بشكل كبير خاصة في فئة النشاط السياحي والفندقي، لافتاً إلى أن تكاليف التتفيذ ترتفع وفقاً لعدد الشهادات المطلوب الحصول عليها بالنسبة للمشروع.

وتابع، أن تبني معاييرالاستدامة ليس رفاهية، وفي نفس الوقت لا أستطيع أن أقول عليه ضرورة، فمعظم المشروعات يتم ترويجها وتسويقها من خلال تضمين عنصر الاستدامة بها.

واختتمت الجلسة من خلال الرد على سؤال من أحد الحضور للمتحدثين، وهو “ما تأثير رفع سعر الفائدة على التكاليف وحركة المبيعات والأسعار؟”.

جاوب عليه أحمد منصور قائلاً:” لا أحد يمكنه تحديد حركة الأسعار خلال الفترات القادمة في الوقت الحالي، فالسوق يسيطر عليه حالة غبارية لا نستطيع معرفة ملامحها بالظبط، أو حتى التنبؤ بأوضاعها أثناء الفترة المقبلة”.

وأشار إلى أن الشركات يومياً ما تعمل على إعادة تسعير وحدات مشروعاتها، نتيجة للمستجدات الفجائية بشكل مستمر، سواء تمثلت في ضوابط الدولة، أو في تحركات الأسعار وسعر صرف الجنيه، فجميعها أشياء كانت غير متوقعة.