مافيا المستريحين اشتهرت بامتلاكها مهارة الوصول إلى كبار المسؤولين والتقاط الصور معهم لاستغلالها في إقناع الضحايا بأنها محمية و”مسنودة”، لكن قصة أيمن حامد سليمان، مستريح المليارات، تكشف فصلاً جديدًا من هذا السيناريو.
فالرجل الذي أُلقي القبض عليه لاحقًا بتهمة النصب على المواطنين عبر شركات توظيف أموال وهمية، لم يكتف بخداع الأفراد فقط، بل حاول الترويج لمشروع رياضي وهمي أمام وزير الشباب والرياضة.
بداية القصة.. لقاء الوزير في نوفمبر 2024
تعود تفاصيل الواقعة إلى نوفمبر 2024، حين تمكن سليمان عبر وسطاء نافذين من لقاء الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة.
وعقب اللقاء مباشرة أصدر سليمان بيانًا صحفيًا تم توزيعه على معظم وسائل الإعلام، أكد خلاله أنه عرض على الوزير مشروعًا رياضيًا ضخمًا في العاصمة الإدارية الجديدة.
—
البيان “الإنشائي”
نص البيان الذي أصدره سليمان جاء مليئًا بالوعود الفضفاضة والكلمات المنمقة دون أي تفاصيل واقعية، حيث قال فيه:
“التقى المستشار الاقتصادي أيمن حامد سليمان، رئيس مجموعة أيمن حامد سليمان، برفقة وفد من المجموعة، الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، وذلك لبحث خطة المجموعة لتنفيذ وإدارة مشروع رياضي كبير بالعاصمة الإدارية الجديدة.
من جانبه أكد المستشار الاقتصادي أيمن حامد سليمان، أن هذا المشروع يأتي ضمن خطة الشركة للتواجد في واحدة من أبرز مدن الجيل الرابع وهي العاصمة الإدارية الجديدة، وبحيث تساهم الشركة بأن تكون جزءا من خطة الدولة لتنمية وتعمير هذه المدينة الواعدة، لافتا إلى أن المشروع الجديد للشركة سيكون علامة مميزة ومشروعا فريدا ورائدا.
وأضاف أن اللقاء مع وزير الشباب والرياضة شهد مناقشة عدد من المحاور الخاصة بالمشروع الجديد بحيث يتم تنفيذ الفكرة على أعلى مستوى، وبما يليق مع مشروع بحجم وطبيعة العاصمة الإدارية الجديدة، كما طالب الوزير بوضع التصورات النهائية للمشروع في ضوء ما تم مناقشته خلال اللقاء بحيث يتم تنفيذ المشروع في أقرب وقت.
وقال المستشار أيمن حامد سليمان: “نعمل بكامل جهودنا لتنفيذ مشروع رائد يتناسب مع تاريخ المجموعة وخبرتها وملاءتها المالية القوية، وفي نفس الوقت يلبي التطلعات المرتبطة به، على أن يتم الإعلان قريبا عن تفاصيل هذا المشروع، والذي سيكون مفاجأة قوية ومشروع مميز تقدمه المجموعة للسوق العقاري المصري وللعاصمة الإدارية الجديدة”.
وأشار إلى أنه من المخطط تنفيذ مشروع رياضي سيكون وجهة عالمية تليق باسم مصر، ويعكس حجم التنمية والتطور في السوق العقاري، حيث سيكون المشروع الرياضي الجديد نموذجًا للابتكار والتميز، ويشمل مرافق رياضية متطورة تهدف إلى جذب استثمارات جديدة وتوفير فرص عمل، فضلاً عن تعزيز النشاط الرياضي في العاصمة الإدارية الجديدة.
انتهي البيان الذي لم يتضمن اسم المشروع أو موقعه أو حجم الاستثمارات، وهو ما كشف أنه مجرد “كلام إنشا” لا أكثر.
استغلال الصور للترويج والنصب
منذ نشر البيان وصور اللقاء، بدأ سليمان في الترويج لنفسه كصاحب نفوذ أمام ضحاياه، ليقنعهم بجدية مشاريعه ويستدرج أموالهم.
لكن في الحقيقة، اللقاء لم يكن سوى حلقة جديدة في مسلسل الوهم الذي اعتاد الرجل تسويقه عبر الإعلام واللقاءات الرسمية ولا نعلم أيضا ماذا تم في المشروع الذي عرضه علي وزير الشباب والرياضة و هل دخل معها في مشروعات أخري دون إعلان ذلك أمام الرأي العام ؟
الجهات الرقابية تكشف الحقيقة
بعد نجاح وزارة الداخلية في القبض على أيمن حامد سليمان قبل عدة أيام أكدت الجهات الرقابية في تقرير رسمي أن أيمن حامد سليمان يدير شبكة من الشركات الوهمية، هدفها الأساسي جمع الأموال من المواطنين والمستثمرين تحت دعاوى الاستثمار العقاري والرياضي.
وأضاف التقرير أن ممتلكاته وأصوله لا تتناسب مع دخله المعلن، ما كشف حجم التلاعب المالي الذي مارسه لسنوات.
قرارات قضائية بالتحفظ على أموال و ممتلكات أيمن حامد سليمان
استنادًا إلى نتائج التحقيقات، أصدرت الجهات القضائية قرارات عاجلة بالتحفظ على أموال وممتلكات سليمان داخل مصر وخارجها، شملت: عقارات فارهة و سيارات باهظة الثمن و حسابات بنكية متعددة.
و أكد مصدر أن القرارات هدفها حماية حقوق الضحايا ومنع استمرار عمليات النصب التي أضرت بشريحة واسعة من المواطنين.
درس قاسٍ من “مستريح المليارات”
قصة أيمن حامد سليمان تظل مثالًا صارخًا على كيف يمكن لمستريح مليارات أن يوظف الإعلام واللقاءات الرسمية في خداع الناس والترويج لمشروعات غير موجودة.
لكن تدخل الأجهزة الرقابية والقضائية أنهى هذه المهزلة، ليبقى ما حدث درسًا قاسيًا في خطورة الانسياق وراء بريق الوهم.










التعليقات مغلقة.