انفراد الصنايعية .. محمد معيط يتحدث لمحمد ناقد : صندوق النقد الدولي ليس خصمًا للدول.. وبرامج الإصلاح الاقتصادي استثناء تفرضه الأزمات
استضاف برنامج «الصنايعية» المذاع على قناة المحور، الدكتور محمد معيط، وزير المالية الأسبق، وعضو مجلس المديرين التنفيذيين، وممثل المجموعة العربية وجزر المالديف لدى صندوق النقد الدولي، وذلك على هامش مشاركته في فعاليات ملتقى Rendo في دورته السابعة للتأمين وإعادة التأمين بمدينة شرم الشيخ.
وخلال اللقاء، قدّم الدكتور محمد معيط قراءة تحليلية معمقة لطبيعة عمل صندوق النقد الدولي، ودور مصر والمجموعة العربية داخله، وسياق برامج الإصلاح الاقتصادي، بعيدًا عن الصور النمطية والأحكام المسبقة التي ترتبط غالبًا بتجارب التعاون مع المؤسسات المالية الدولية.
وتناول الحوار عددًا من الملفات الاقتصادية الحساسة، من بينها الفروق الجوهرية بين صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وآليات اتخاذ القرار داخل المؤسسات المالية العالمية، ومسار الإصلاح الاقتصادي في مصر منذ عام 2016، إلى جانب التأثيرات الاجتماعية للإصلاحات الاقتصادية، خاصة على الطبقة المتوسطة، وحدود العلاقة بين السيادة الوطنية وبرامج التمويل الدولية.
وأوضح محمد معيط أن طبيعة العمل داخل صندوق النقد الدولي تختلف كليًا عن العمل التنفيذي داخل الحكومات، مؤكدًا أن منصب المدير التنفيذي يتطلب مسؤوليات فنية ومهنية دقيقة، تشمل متابعة ملفات 12 دولة تمثلها المجموعة العربية داخل مجلس الإدارة، وتتباين أوضاعها بين دول لديها برامج تمويل قائمة، وأخرى تخضع لمراجعات دورية، إضافة إلى دول تمر بظروف استثنائية نتيجة أزمات سياسية أو اقتصادية.
وأكد أن اختياره لتمثيل المجموعة العربية جاء نتيجة توافق الدول الأعضاء ودعم رسمي من الدولة المصرية، وليس بقرار من إدارة الصندوق، مشيرًا إلى أن ذلك يعكس الثقة في الكفاءة المصرية وقدرتها على الدفاع عن مصالح الدول العربية داخل واحدة من أهم المؤسسات المالية الدولية.
وحول الصورة الذهنية المرتبطة بصندوق النقد الدولي، شدد معيط على أهمية التفرقة بين دور الصندوق ودور البنك الدولي، موضحًا أن البنك الدولي يركز على التمويل التنموي طويل الأجل في مجالات التعليم والصحة والبنية التحتية، بينما يتدخل صندوق النقد الدولي في حالات الأزمات التمويلية الحادة، خاصة عند وجود اختلالات كبيرة في ميزان المدفوعات.
وأكد أن اللجوء إلى صندوق النقد الدولي ليس خيارًا مفضلًا أو دائمًا، بل استثناء تفرضه ظروف اقتصادية ضاغطة، مشيرًا إلى أن برامج الصندوق تستهدف استعادة الاستقرار المالي والنقدي من خلال خفض عجز الموازنة، والسيطرة على الدين العام، وضبط السياسات المالية والنقدية، رغم ما قد يصاحب ذلك من تكلفة اجتماعية مؤقتة.
وفيما يتعلق بدور الدول العربية داخل الصندوق، أوضح معيط أن للمجموعة العربية وزنًا مؤثرًا داخل مجلس الإدارة، وأن آليات اتخاذ القرار تختلف باختلاف الملفات، ما يتيح للدول والمجموعات الإقليمية المشاركة الفاعلة في صياغة السياسات.
واستعرض محمد معيط مسار التعاون بين مصر وصندوق النقد الدولي منذ برنامج الإصلاح الاقتصادي عام 2016، مرورًا ببرامج الدعم خلال جائحة كورونا، وصولًا إلى البرنامج الأخير، مؤكدًا أن هذه البرامج جاءت استجابة لظروف استثنائية وضغوط عالمية غير مسبوقة، وليست خيارًا دائمًا في السياسة الاقتصادية المصرية.
وشدد على أن السيادة الاقتصادية تظل بيد الحكومات الوطنية، وأن الدولة هي من تحدد توقيت وشكل تعاملها مع المؤسسات الدولية، موضحًا أن الدول التي تنجح في استعادة الاستقرار وتوفير التمويل من الأسواق لا تضطر للدخول في برامج جديدة مع الصندوق.
وفي تقييمه لمسار الإصلاح الاقتصادي، أكد معيط أن الإصلاح عملية مستمرة وديناميكية، وأن صندوق النقد الدولي بدأ في السنوات الأخيرة مراجعة مقاربته التقليدية، مع التركيز بشكل أكبر على شبكات الحماية الاجتماعية ودعم الفئات الأكثر تضررًا.
وتطرق إلى تأثير الإصلاحات على الطبقة المتوسطة، معتبرًا إياها الأكثر تعرضًا للضغط خلال الفترات الانتقالية، مؤكدًا أن نجاح أي برنامج إصلاح لا يقاس فقط بتحسن المؤشرات الكلية، بل بمدى انعكاسه على مستوى معيشة المواطنين.
وفي ختام اللقاء، أكد الدكتور محمد معيط أن تمثيله لمصر والمجموعة العربية داخل صندوق النقد الدولي يعكس الولاء الوطني، ودورًا فاعلًا في الدفاع عن مصالح الدول من داخل المؤسسة الدولية، معربًا عن تفاؤله بتحسن المؤشرات الاقتصادية المصرية خلال الفترة المقبلة، شرط ترجمتها إلى تحسن ملموس يشعر به المواطن في حياته اليومية.







التعليقات مغلقة.