أحمد البطراوي: التحول الرقمي والحوكمة هما الحل الوحيد لتجنُّب “فقاعة عقارية” في السوق المصري
في ظل تصاعد المخاوف من احتمالية نشوء “فقاعة عقارية” في السوق المصري، دعا أحمد البطراوي، خبير التطوير العقاري ومؤسس منصة “مصر العقارية”، إلى الإسراع في تبنّي منظومة رقمية شاملة تدير كافة مراحل التطوير والتمويل والتسويق العقاري، بما يضمن الشفافية ويمنع الممارسات العشوائية التي قد تهدد استقرار السوق.
“العقار لم يعد بيعًا وشراءً فقط.. بل صناعة اقتصادية متكاملة”
وأكد البطراوي أن السوق العقاري المصري لم يعد مجرد سوق بيع وشراء وحدات، بل أصبح صناعة مترابطة تقوم على قواعد تشريعية وتمويلية وتسويقية دقيقة، وهو ما يستدعي وجود بنية رقمية متكاملة تمكّن الدولة من تتبّع كل عملية بيع أو تمويل بشكل لحظي.
وأضاف أن التحول الرقمي لم يعد ترفًا أو خيارًا مؤجلاً، بل ضرورة عاجلة لبناء سوق عقاري آمن ومستدام يتماشى مع المعايير الدولية، ويحفظ حقوق المواطنين والمستثمرين على حد سواء.
منصة إلكترونية موحدة لتسجيل العقود والتمويلات
وشدد البطراوي على أهمية إنشاء منصة إلكترونية موحدة لتوثيق العقود العقارية وعمليات التمويل، باعتبارها خطوة محورية نحو خلق مستوى غير مسبوق من الانضباط والشفافية داخل السوق، ما يسمح برصد حقيقي لحركة العرض والطلب، ويمنع أي ممارسات خارج الإطار القانوني.
التمويل العقاري ليس من اختصاص المطورين
وفي ملف التمويل العقاري، طالب البطراوي بإعادة هيكلة منظومة التمويل بالكامل، بحيث تتولى البنوك والمؤسسات المالية المرخصة مسؤولية التمويل العقاري بدلًا من المطورين.
وقال:”من غير المنطقي أن يستمر المطورون في تقديم أنظمة تمويل بدون رقابة مالية أو تراخيص، بينما تُعد هذه مسؤولية البنوك فقط في كل الأسواق المتقدمة”.
وأوضح أن بعض أنظمة التقسيط المطروحة حاليًا تفتقر للتوثيق الرسمي وتُحدث غموضًا في العلاقة التعاقدية بين المطور والمشتري، مطالبًا الهيئة العامة للرقابة المالية بإلزام المطورين بالحصول على تراخيص مسبقة قبل تقديم أي نظام تمويلي، وتوثيق تفاصيل العقود والأقساط بدقة لحماية المستهلكين.
الدعوة لإنشاء “الهيئة العليا للعقار المصري”
واقترح البطراوي تأسيس كيان مستقل يحمل اسم “الهيئة العليا للعقار المصري”، لتكون الجهة التنظيمية المركزية المسؤولة عن الإشراف على السوق العقارية في مصر، ووضع السياسات التي تُحقق التوازن بين مصلحة الدولة، والمطورين، والمستثمرين، والمواطنين.
وأضاف أن الهيئة يجب أن تضم ممثلين من القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، إلى جانب الجهات الرقابية والمالية، لضمان إشراف شامل على المشروع منذ التخطيط وحتى التسليم، مع تطبيق معايير موحدة للعقود والإعلانات، والحد من التداول النقدي خارج البنوك من خلال آلية حساب ضمان خاضعة لرقابة حكومية.
الفقاعة العقارية.. أزمة غياب تشريع لا زيادة أسعار
وعن الجدل الدائر حول وجود “فقاعة عقارية”، أوضح البطراوي أن الأزمة ليست فقط في ارتفاع الأسعار أو المعروض الزائد، وإنما في غياب الحوكمة والتشريعات المنظمة.
وقال:”طالما ظل تنظيم السوق العقاري بيد المطورين فقط، فلن يتحقق الإصلاح… لأن من يستفيد من الخلل لا يمكن أن يكون المكلّف بإصلاحه”.
وأكد أن وجود جهة مستقلة ومحايدة للإشراف هو السبيل الوحيد لضمان استقرار السوق واستمرار جذب الاستثمارات بثقة واستدامة.
السوق العقارية الحديثة تبدأ بالرقمنة والعدالة التمويلية
واختتم البطراوي تصريحاته بالتأكيد على أن التحول الرقمي والحوكمة هما الركيزتان الأساسيتان لبناء سوق عقارية حديثة، مشيرًا إلى أن الإدارة الذكية للسوق تبدأ من الشفافية وتوثيق العمليات، وتنتهي عند تمكين البنوك من أداء دورها الرئيسي في التمويل.
وقال:”حين تُدار السوق بمنظومة رقمية شفافة وتكون البنوك مسؤولة عن التمويل، ستسود العدالة والمصداقية، وسنصل إلى سوق عقاري أكثر أمنًا وجاذبية للاستثمار المحلي والأجنبي”.









التعليقات مغلقة.