جريدة اخبارية شاملة
رئيس التحرير طارق شلتوت
رئيسي 01 إيفر

محمود داوود يكتب.. المدن الخضراء المستدامة… و مواجهة التغيرات المناخية

تهدف مصر إلى تطوير مستقبل المدن المصرية بشكل مستدام في ظل الظروف الراهنة والتحديات المستقبلية للتغيرات المناخية، والحاجة الملحة إلى فتح مجالات جديدة للتنمية الخضراء، لتؤد جانبا هاما في إطار رؤية مصر٢٠٣٠، وخلق مناطق تميز في الصحراء المصرية، تسهم في الحدّ من الكثافة السكانية في المدن القائمة، وجذبها من الوادي الضيق إلى المناطق الجديدة المهيأة، مما يساعد على خلخلة الكتلة العمرانية القائمة، التي بدأت تعاني بالفعل من التدهور البيئي الشديد، وفي سياق ذلك قامت مصر على تشكيل «وحدة المدن المستدامة والطاقة المتجددة» بالقرار الوزاري رقم (512) لسنة 2014، وتقوم هذه الوحدة بوضع اقتراح للاستراتيجية والخطط اللازمة لضمان توفر معايير العمران الاخضر المستدام فى المدن الجديدة، وعلى الأخص فيما يتعلق باستخدامات الطاقة وتقديم الدعم الفنى والتقني والاستشارات والدراسات اللازمة لذلك سواء على مستوى المدن الجديدة القائمة او المدن المزمع انشاؤها، ومع تبنّي مفهوم التنمية المستدامة، والاهتمام المتزايد بآثار التنمية على البيئة المادية والاجتماعية والثقافية، ظهرمفهوم «المدن المستدامة» الذي نادى بإيجاد شكل جديد من المدن، تحقق النمو الاقتصادي من خلال قاعدة اقتصادية لا تستنفذ الموارد الطبيعية بالاستخدام غير الرشيد ولا تلوثها، وتتبنّي مبدأ إعادة استخدام المنتج، وإعادة تدويره وإدخاله في عملية إنتاجية مرة أخرى، أو استعادة الطاقة المستثمَرة في هذا المنتج.

والمدن المستدامة هي مدينة خضراء صديقة للبيئة، تتوازن فيها الطاقة الاستيعابية للموارد والنظم البيئية المحلية، عن طريق رفع كفاءة استخدام الموارد، وتحقيق الحد الأدنى من المخرجات الملوثة، حتى يتسنى للنظام الإيكولوجي تجديد نفسه، ومنع التلوث بتقليل المخلفات التي يمكن للطبيعة استقبالها.

- Advertisement -

في إطار المواجهة العالمية للتغيرات المناخية تتميز المدينة المستدامة بأنها مدينة منخفضة أو صفرية انبعاث الكربون، وبالتالي تسهم في تقليل إنتاج ثاني أكسيد الكربون والمركبات العضوية الأخرى التي تؤدّي إلى زيادة حدة التغيرات المناخية، ويتطلب ذلك استحداث تحولات هيكلية نحو تقليل استخدام الوقود الأحفوري إلى أدنى حد ممكن، وزيادة الاعتماد على موارد الطاقة الجديدة والمتجددة، والطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة الجيولوجية، وطاقة الأمواج وغيرها، وظهر مصطلح التنمية المستدامة مؤخرا فى السنوات الاخيرة لما له من أهمية من أجل القضاء على الفقر وهى متماشية مع استراتيجية الدولة فى الخفض من المواد غير المتجددة كالكهرباء و الوقود و الاعتماد على مصادر متجددة مثل الطاقة الشمسية، وهناك مدن تم إقامتها على أساس هذا المفهوم، مفهوم التنمية المستدامة و المدن المستدامة، ومن أهم معايير المدن المستدامة، كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة، توجيه المبنى للاستفادة من الطاقة الشمسية والإضاءة الطبيعية والظل، تأثير المناخ المحلى على البناء، كفاءة غلاف المبنى الحرارية والنوافذ، مصادر بديلة للطاقة، تقليل كميات الاستهلاك من الطاقة الكهربائية والمائية.

وبدأت مصر في إنشاء تلك المدن حيث عملت إحدى شركات العقارات على تطور عمرانى، وإنشاء مدينة «أليكو» كمدينة مستدامة على الساحل الشمالى على مساحة 483 ألف متر مربع «115 فدانا» باستثمارات تقدر بنحو 2.1 مليار جنيه فى المرحلة الأولى، والمزرعة السويسرية على الساحل الشمالى عند الكيلو 83 وبها بيوت ومنازل صديقة للبيئة، كما انها تعتمد على الطاقة الشمسية، وبناء العاصمة الإدارية الجديدة و«بيت الوطن» و«النرجس الجديدة» في التجمع الخامس، وكذلك فى مدينة الشروق ومدينة العبور والعلمين الجديدة ومدينة الجلالة بالعين السخنة والمنصورة الجديدة وغيرهم، من خلال توفير طرق واسعة ذات تصميم جيد ومساحات خضراء شاسعة فى المدن السكنية بحيث تتعدى نسبة الأخضر فى كل مدينة الـ 40 و 50%.

وفي سياق التوجه نحو تنفيذ المدن المستدامة عالميا ، وبدأت الحكومات والسلطات حول العالم تشعر مواطنيها بأهمية تقليل الانباعثات الكربونية والتلوث البيئي والتوجهه إلى بيئة خضراء، حيث تقوم دولة الإمارات ببناء العديد من المدن المستدامة التي تحافظ على الطاقة، وتُسخر فيها الطاقة المتجددة باستخدام التقنيات والتصميمات المعمارية الحديثة، مثل مدينة «مصدر» في أبو ظبي، وهي أول محاولة في الشرق الأوسط لبناء مدينة مستدامة، تهدف مدينة مصدر إلى تقليل استخدم الطاقة والماء، بالإضافة إلى تقليل إنتاج النفايات، وهي تستخدم مجموعة من التصميمات التقنية والمعمارية، بالإضافة إلى الطاقة الشمسية في التشغيل، وكذلك مدينة «ريكيافيك» بأيسلندا، حيث تعدّ بالفعل واحدة من أكثر المدن خضرة وأقلّها إصدارًا لهذه الغازات على مستوى العالم و يعود الفضل لذلك إلى الموارد الوفيرة في باطن الأرض في المدينة وتعمل المدينة حالياً على أن تكون خالية تمامًا من الوقود الأحفوري بحلول عام 2050، وكذلك
مدينة «فانكوفر» بكندا، حيث تعمل على زيادة النسب الخضراء بنسبة 23% في الوظائف الخضراء الصديقة للبيئة وزيادة بنسبة 26% في وظائف الطعام المحلية منذ عام 2013، و23% من الشركات الصديقة للبيئة يقع مقرّها في فانكوفر، ومد ينة «هلسنكي» بفنلندا، حيث تركّز المدينة على تشجيع أنماط العيش الصديقة للبيئة، والجوّ العامّ الذي يحفّز تقليل الاستهلاك، والعمل على مشاريع بنائية مستدامة، جميعها تجعل من هلسنكي نموذجًا للتنمية المستدامة والمدينة الصديقة للبيئة، وتضمّ منطقة سكنية خضراء تبلغ مساحتها 23 هكتارًا (230 ألف متر مربع).

التعليقات مغلقة.