جريدة اخبارية شاملة
رئيس التحرير طارق شلتوت
رئيسي 01 إيفر

محمود داوود يكتب.. صناديق الريت.. ومستقبل الاستثمار في العقار

تنشط صناديق الاستثمار المباشر بمختلف أنواعها، سواء المتعلق بالكيانات الكبيرة أو رأس المال المخاطر خلال فترات الأزمات بصوره كبيره ، وبعد انتهاء فترات الأزمات تبدأ تصدر مقارنات الأداء بين المحافظ الاستثمارية المختلفه، فصناديق الاستثمار المباشر أيًّا كان بأنواعه المختلفة يحاول استغلال الفرصة، واستغلال الفرص لا يتأتى سوى خلال الأوقات التي تكون بها أزمات، لأن التسعير يكون جاذبًا جدًّا له، وعادة يتم التخارج بعد مرور ثلاث أو أربع سنوات وبالتالي آثار الأزمة من المفترض أنها لم تعد موجودة، وفي سياق الحديث عن التحديات ، فإن التحديات من الصعب أن يتم توصيفها في ظل المتغيرات الاقتصادية المتلاحقه، فالعملية أصبحت ديناميكية للغاية، وما كان في يوم ما تحديًا أصبح الآن لا وجود له، ولكن أمورًا أخرى تظهر في الطريق كتحديات جديدة، ففي البدايات كان التحدي أمام أي صندوق استثمار مباشر يتمثل في عملية التأسيس والشكل المتعارف عليه والممارسات العالمية، حيث كانت غير منظمة بالصورة المدققة في السوق المصرية.

ويعد ارتفاع جدوى الاستثمار في العديد من الأدوات المطورة والمرنة خلال الفترة الأخيرة باتت تتسع أكثر وأكثر لدى أسواق المال في منطقة الشرق الأوسط، بما يعد بمزيد من فرص الاستثمار الجيدة والمستقرة بعيداً كل البعد عن أهداف المضاربة، التي لا تستهدف الأراضي والعقارات بيعاً أو شراءً، حيث تصنف هذه الاستثمارات بأنها مختلفة تماماً عن سوق الأسهم، حيث تقوم فكرة صناديق الاستثمار العقاري «الريت» على قاعدة التوزيعات النقدية عبر الاستثمار في عقارات مدرة للربح، وبالتالي فإن الميزة التي توفرها هذه القنوات الاستثمارية تتمثل في أنها تجمع الأفضل لدى السوق العقارية، والأفضل لدى أسواق المال، فهي تعطي المستثمر ميزة التملك العقاري وتسلّم العوائد، والتمتع باستثمار طويل الأجل ومستقر، كما تمنح المستثمرين ميزة سهولة البيع في أي وقت، الأمر الذي منح ويمنح هذا الاستثمار المزيد من الجاذبية والشهرة من قبل شرائح واسعة من المستثمرين حول العالم، علماً بأن هناك الكثير من النجاحات والإخفاقات التي واجهتها وتواجهها صناديق «الريت» العقارية، وبشكل خاص تلك ذات العلاقة بالقيم الحقيقية للعقارات الداخلة في الصندوق، بالإضافة إلى عدم وجود تشريعات وقوانين تحد من قدرة الملاك على التصرف في العقار أثناء فترة الاستثمار.
مع الأخذ بعين الاعتبار أن الفرص الاستثمارية باتت متغيرة وفقاً للظروف والمعطيات المحيطة وأوضاع السوق، وتتناسب كذلك مع شريحة المستثمرين الأفراد، الذين يرغبون باستثمار مبالغ صغيرة في عقارات قائمة، وتوليد عوائد تتجاوز نسبة %8، بالإضافة إلى ما تعد به من توزيعات تصل إلى %90 من صافي الأرباح

- Advertisement -

وتمثل صناديق الاستثمار العقاري أحد أهم الآليات التمويلية داخل القطاع العقاري بالكثير من الأسواق المتقدمة، وفي مصر فقد حان الوقت لتنشيطها بما يحقق أهداف متعددة أولها يتمثل في زيادة قنوات التمويل للقطاع العقارى ولاسيما المشروعات غير المخصصة للبيع من المباني الإدارية والمراكز التجارية والجراجات متعددة الطوابق إضافة إلى العقارات المخصصة للمناطق اللوجيستية والصناعية وحديثاً مراكز البيانات وأبراج الهاتف المحمول، واخيرا فإنها توفر آلية لإتاحة الاستثمار في المجال العقارى بعيداً عن المساهمة المباشرة في شركة محددة، وهو ما يساعد على الاستفادة من النمو في السوق العقارية والتحوط من التضخم، وتعتمد صناديق الاستثمار العقارى عالمياً على منهج تخصيص جزء كبير من استثماراتها في أصول عقارية مدرة للإيراد مثل التأجير وحق الاستغلال والإعلان وما إلى ذلك، مما يمكنها من إجراء توزيعات سنوية لأرباحها على حملة الوثائق، ومما يحقق أيضاً إمكان تقدير الإيرادات في الأجل المتوسط والطويل، بعيداً عن دورات بناء وبيع المشروعات العقارية، ووفقا لكل الخصائص التي تتمتع بها صناديق الاستثمار العقارى تجعلها جاذبة للمستثمر متوسط وطويل الأجل، ولاسيما شركات التأمين وغيرها من نظم الإدخار، ونظرا لأهمية تلك الصناديق فعلي سبيل المثال نص قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الجديد (القانون رقم 148 لسنة 2019) على أنه للهيئة القومية للتأمين الاجتماعى أن تؤسس صندوق استثمار عقارى يعمل وفقاً لأحكام قانون سوق رأس المال.

وفيما يتعلق بتأخر انطلاق تلك الصناديق في مصر، حيث لم يتأسس منها غير صندوق واحد حتى الآن، وجارى تأسيس صندوق ثانٍ ، إلى أن التشريعات الضريبية السارية لم تميز في المعاملة بين الشركة العقارية وصندوق الاستثمار العقارى، مما يستدعي ضروره أن ينظر مجلس الوزراء في تعديل ضريبة الدخل بما يعفى توزيعات الصندوق والأرباح الرأسمالية المحققة على وثائقه من ضريبة الدخل والاكتفاء بالمحاسبة الضريبية لنتائج أعمال الصندوق نفسه

ومن جانب آخر ، وفي في ظل استضافة مصر للقمة العالمية للمناخ في شرم الشيخ خلال شهر نوفمبر القادم، وفى إطار الاهتمام المتزايد بالاقتصاد الأخضر والمشروعات الصديقة للبيئة فإنه يمكن النظر في صناديق الاستثمار العقارى الخضراء والترويج لها، حيث تتخصص تلك الصناديق في المشروعات الملتزمة بيئياً سواء فيما يتعلق باستخدام الطاقة المتجددة وترشيد استخدامها أو استخدام المواد الصديقة للبيئة أو بتخفيض الانبعاثات الكربونية أو تدوير المخلفات، وفي ظل توجه الدولة للاستفادة من الأصول العقارية غير المستغلة وتعظيم العائد منها، فإن آلية صناديق الاستثمار العقارى تمثل آلية مناسبة وجذابة لتحقيق هذا الغرض. وذلك في ضوء ما هو مملوك للعديد من الجهات الحكوميه ومن ضمنها الهيئات الحكوميه والمحافظات وشركات قطاع الأعمال العام ، وكذلك ما تمتلكه العديد من البنوك المصرية من أصول عقارية غير مستغله آلت إليها لتسوية مديونيات لها لدي جهات وأفراد ، ولاشك أن الكثير من تلك الجهات الحائزة على أصول عقارية غير مستغلة لا تتمتع بالخبرة اللازمة فى مجال التطوير العقارى ، كما أنها تلتزم بلوائح وإجراءات لا تتفق مع النشاط العقارى التجارى بما يسمح بمشروعات تنافس فى السوق وفى توقيتات مناسبة، ومن ثم فإن منظومة صناديق الاستثمار العقارية، لاسيما تلك التى تشارك فى تأسيسها وإدارتها كيانات ذات مصداقية ، يمكن أن تلجأ لها الجهات المالكة للأصول العقارية من خلال تحويل ملكياتها إلى استثمارات فى صندوق أو أكثر للاستثمار العقارى من خلال تقديمها كحصة عينية، لاسيما الأصول التى لا يتم تعظيم النفع منها من خلال البيع بالمزايدة والتى يفضل أن تدر عائد دوري من خلال الايجار (سكنى، إدارى ، مخازن، تجارى، منشآت صناعية) أو فى أوجه الاستخدام الأخرى التى تدر عائد مثل المنشآت الفندقية والجراجات والمنشآت الطبية غيرها.

وعالميا هناك 40 دولة توجد بها صناعة صناديق الاستثمار العقارى تأتى في مقدمتها الولايات المتحدة كأكبر سوق، وتضم القائمة 8 دول عمر تلك الصناعة بها أقل من عشر سنوات ومن ضمنها جنوب افريقيا والسعودية ومصر والهند وكينيا والبحرين، حيث أن هناك نحو 14 مليار دولار تدفقت خلال عام 2021 فقط لصناديق الاستثمار العقارى العالمية، كما ان مؤشر الفايناشيال تايمز لصناديق الاستثمار العقارى العالمية حقق خلال العام المنصرم عائد بلغ نحو 24.6%.

ولاشك ان تنافسيه القطاع العقارى في مصر واعتماد المصريين علي العقار علي مدار فترات زمنية طويلة كملاذ امن للادخار ، وان معظم المصريين يرون في العقار ملاذاً آمناً لاستثمار أموالهم والحفاظ على قيمة مدخراتهم عبر الزمن، وهو ما جعل القطاع العقارى أحد أبرز القطاعات التى يعتمد عليها الاقتصاد المصرى خلال العقود الأخيرة، حيث تتراوح نسبة مساهمته فى الناتج المحلى الإجمالى من 23 إلى 18%، الأمر الذى يُعبّر عن حجم الأموال التى يتم استثمارها فى هذا القطاع الاقتصادي التنافسي ، وهو مايؤكد علي ان انتشار ثقافه صناديق الاستثمار العقاري في مصر ستحقق نجاحا كبيرا، ولذا فإن صناديق الاستثمار العقاري تعد من أفضل آليات الاستثمار فى العقار، وذلك لما تحققه من تنظيم لأوضاع السوق العقاري وحمايتها من ايه تقلبات عقاريه قد تأثر علي تنافسيه القطاع العقاري وربحيته الاستثماريه عقارية، فضلاً عن الأرباح الضخمة التى تتحق من تلك الصناديق على المستثمرين بشكل دورى، وهو ما كام سببا قويا في وصول حجم الاستثمارات فى هذه الصناديق إلى 2 تريليون دولار عالمياً، وقيام الدول العربية المجاورة بالاعتماد على هذا النشاط بشكل كبير كركن أساسى فى دعم اقتصادياتها.

ولاشك إن صناديق الاستثمار العقارية تُعتبر أحد أفضل البدائل الاستثمارية التى تتناسب بشكل كبير مع المستثمر المصرى، وخاصة المواطن ، حيث ان 40% من عمليات الشراء التى تتم فى القطاع العقارى تكون بغرض الاستثمار الآمن، وهو ماتحققه هذه الصناديق لتُنظم حركة الاستثمارات داخل القطاع، وتمنح الأفراد الراغبين فى الاستثمار في شراء أسهم بالصندوق بناءً على حجم السيولة التى يمتلكها، كما أنها تتميز بسرعة تسييل الأسهم، مقارنة بتسييل العقار الذى قد يستغرق شهوراً.

وتتم عمليه الاستثمار من خلال الصناديق العقارية من خلال طرح الصندوق للأسهم فى البورصة، ومن ثم يقوم بشراء أصل عقارى، سواء سكنياً أو تجارياً أو إدارياً، وتأجير هذا الأصل أو إدارته، ثم يقوم الصندوق بتوزيع نسبة من الأرباح التى يجنيها من العوائد الإيجارية وفقا لما ينص عليه القانون التأسيسي للصندوق والتى تصل إلى 90% فى بعض الدول، ويتم توزّيعها بشكل دورى سنوى أو نصف سنوى أو ربع سنوى على المستثمرين، ومن ناحية أخرى ترتفع قيمة الاستثمارات بزيادة قيمة الأصل مع مرور الزمن، كما أن انتشار هذا النوع من الصناديق يؤثّر بالإيجاب على المطور العقارى، حيث ان هذه الصناديق تقوم بضخ استثماراتها فى شراء جزء كبير من مشاريع المطورين، مع دفع قيمة الأصول نقداً، حيث أن هذه الصناديق تتعامل مع الأصول القائمة فقط، وهو ما يستلزم قيام المطورين بتنفيذ المشروع أولاً، وعلي الجانب الآخر فإن هيئه الرقابه الماليه قامت بوضع الضوابط اللازمة لتنشيط عمل صناديق الاستثمار العقارى فى السوق المصري، الا ان السوق العقاري في مصر تحتاج إلى عملية الترويج للاستثمار فى هذا النوع من الصناديق ، وبدأ نشر ثقافه الاستثمار في الصناديق العقارية ، حتي تنتشر سريعا كأحد آليات الاستثمار العقاري في مصر، علي اعتبار انها تمثل الاداه اكثر ضمانا لتحقيق الأرباح علي الاستثمار العقاري ،لما لتلك الصناديق من احترافيه في تعظيم قيمه الأصول العقارية الواقعه تحت طائله تلك الصناديق.

التعليقات مغلقة.