جريدة اخبارية شاملة
رئيس التحرير طارق شلتوت

مواجهه التضخم .. تستلزم نموذجا جديدا للتطوير العقاري

تتنوع الأزمات الاقتصادية وتختلف من حيث مدي تأثيرها وتحكمها في تغيير بوصله كافه القطاعات الاقتصاديه ، إلا أن مستوي التضخم يظل الاكثر تأثيرا ، والأخطر في مواجهته خاصه وان كانت أسبابه متعدده ، وتوقيت حدوثه مفاجئ وغير معلوم مدي التنبؤ بالسيطره عليه ، وهنا يظل التحدي الأكبر في آليات المواجهه ، وهل تلك الآليات سليمه من الناحيه العلميه والعمليه في المواجهه.

وفى سياق الحديث عن مايشكله ارتفاع مستوي التضخم من تحدي وازمه كبيره لكافه القطاعات الاقتصاديه وخاصه القطاع العقاري ، وتحديدا آليات التسعير والتي ترتبط بشكل مباشر بمستوي التضخم ، ولعل ذلك هو التحدي القائم الان أمام كافه شركات التطوير العقاري داخل السوق المصري تعتمد نظم البيع الاوف بلان في عمليات البيع ، حيث يتم البيع الان والتسليم بعد فتره زمنيه من البيع لاتقل عن ٤ سنوات، حيث أن التضخم الغير متوقع والذي نشهده الان يتسبب في حدوث أزمات كبيره في آليات التسعير تترجم في اما أن يتم التسعير بشكل مبالغ فيه ، وهو السيناريو الذي تقدم عليه شركات التطوير العقاري في كثير من الأحيان لتأمين نفسها من الارتفاع المبالغ فيه والغير متوقع لمستويات التضخم، أو أن يتم التسعير بشكل غير متناسب مع مستوي تكلفه البناء حتي التسليم خلال الفتره القادمه ، وخاصه في ظل الارتفاع القوي والغير متوقع تحديد نسبته مستقبليا كما نشهده الان ، وفي كلا الحالتين فإن الأمر يمثل خطوره علي شركات التطوير العقاري والصناعه بأكملها .

- Advertisement -

ولعل في سياق الحديث عن إيجاد حلول لتلك الازمه فإن ذلك يستلزم ضروره التفكير في نموذج جديد تعتمد عليه شركات التطوير العقاري في عمليات البيع بخلاف نظام البيع بالاوف بلان ، ولعل من أهم الحلول التي اري من وجهه نظري أنها قد تكون مناسبه لمواجهه الازمه الحاليه ، وهو أن تقوم شركات التطوير العقاري بالبدء في عمليات البيع لمشروعاتها بعد أن يتم تنفيذ مايقرب من نسبه 50% علي الاقل من المشروع، ويتم هنا الاعتماد علي التحويلات البنكيه خلال مراحل البناء حتي يتم الوصول إلي النسبه السابق ذكرها، وهنا تكون عمليه تحديد التكلفه والتسعير محكومه نسبيا، وهو مايحتاج الي ضروره وجود تنسيق مشترك مابين الدوله والبنوك وشركات التطوير العقاري، وبحث آليات تطبيق ذلك النموذج بجانب نموذج البيع الاوف بلان.

وفيما يتعلق بمستوي الطلب علي العقار خلال الفتره القادمه ، فإنه سيظل مستمرا ولكن بنسب متفاوتة سواء للسكن او الاستثمار ولكن بالقدر الذي ستحكمه القدره الشرائيه للأفراد ، مما يعني أن مستوي القدره الشرائيه هو من سيتحكم في مؤشرات الطلب العقاري خلال الفتره القادمه، كما أن الطلب علي العقار خلال الفتره القادمه سيكون في سياق رغبه الأفراد بالحفاظ علي القيمه الشرائيه لمدخراتهم أو فوائض ماليه لديهم بشكل كبير في مواجهه التضخم، وهو ما يؤكد حقيقه هامه مفادها أن الطلب علي العقار خلال الفتره القادمه سينخفض مقارنه بالاعوام السابقه، كما أنه بلاشك فإن الملاءه الماليه لشركات التطوير العقاري هي التي ستحدد ما إذا كانت الشركات تحجم عن البيع مؤقتا خلال الفتره القادمه لحين استقرار الأوضاع ، ام أنها تقوم بتطبيق سياسه البيع التدريجي والنسبي للوحدات العقاريه التي تمتلكها، إلا أن التحدي الأخطر أمام الشركات العقاريه إذا ماقامت بالتوجه نحو تنفيذ سياسه فتح البيع لجمع أكبر قدر من السيولة الممكنة والتي تمكنها من الاستمرار في الوفاء بالتزاماتها، وهنا يظهر تحدي اخر في هل تستطيع تلك الشركات الوفاء بتنفيذ تلك الوحدات المباعه وتسليمها في التوقيتات المحدده، وهو مايأخذنا نحو الإقرار بأن توجه الشركات بتطبيق سياسه الزياده السعريه التدريجيه سيكون الاتجاه الاقوي والانجح لضمان قدره شركات التطوير العقاري في الاستمرار علي المواجهه خلال الأربع سنوات القادمة وتخطي الازمه