صرّح الخبير السياحي الدولي محمود فتحي بأن الإعلان عن هدنة مؤقتة بين إيران وإسرائيل يُعد بمثابة خطوة أولى ومهمة نحو إعادة تشكيل المشهد السياحي في منطقة الخليج العربي، مؤكدًا أن المنطقة تقف اليوم أمام فرصة تاريخية لتعافي قطاع السياحة واستعادة تدفقاته التي كانت قد تعطّلت بشكل شبه كامل منذ اندلاع الصراع.
الخليج يستعيد أنفاسه السياحية
وأوضح فتحي أن الأشهر الماضية شهدت تباطؤًا ملحوظًا في حركة السياحة الخليجية نتيجة التوترات الأمنية والمخاوف من تصعيد عسكري واسع النطاق، الأمر الذي دفع العديد من الأسواق المصدّرة للسياح إلى إصدار تحذيرات سفر صارمة تجاه دول المنطقة، خاصة تلك القريبة من بؤر التوتر.
وأشار إلى أن هذه الهدنة، حتى وإن كانت مؤقتة، تبعث برسائل طمأنة قوية للمستثمرين وشركات السياحة العالمية، وتفتح الباب أمام إعادة برمجة الرحلات، وتنشيط العروض، واستئناف الحملات الترويجية التي جُمّدت منذ أشهر.
السياحة الخليجية مرشحة لقفزة نوعية
قال فتحي إن دول الخليج تملك بنية تحتية سياحية فريدة، واستثمارات ضخمة في قطاع الضيافة، لكنها كانت خلال الفترة الماضية تعمل تحت ضغط المخاوف الجيوسياسية، ما أثر على نسب الإشغال ومعدلات الإنفاق السياحي. أما الآن، ومع تراجع صوت المدافع، فإن الفرصة أصبحت سانحة لتحقيق قفزة نوعية في معدلات الإقبال السياحي، خصوصًا مع اقتراب مواسم الصيف والفعاليات الدولية الكبرى.
طموحات إماراتية وسعودية في الصدارة
وذكر الخبير السياحي الدولي أن الإمارات والسعودية تحديدًا تقفان على أعتاب مرحلة ذهبية، حيث تستعد دبي لاستعادة معدلات الإشغال القياسية التي حققتها قبل اندلاع الحرب، فيما تمضي الرياض بخطى واثقة في تنفيذ رؤيتها السياحية ضمن “رؤية 2030”، وتكثف استثماراتها في السياحة الترفيهية والثقافية والدينية.
وألمح إلى أن دولًا مثل قطر والبحرين وعُمان ستستفيد كذلك من استقرار المشهد، خاصة أن كلًا منها تبنّى استراتيجية متقدمة لتنويع منتجاته السياحية واستهداف أسواق جديدة.
الفرصة تستدعي الجاهزية والاستباق
استكمل فتحي تصريحاته بالتأكيد على أن ما يحدث الآن يجب ألّا يُقرأ فقط من منظور أمني، بل كسيناريو اقتصادي وسياحي بامتياز، وأن على الحكومات الخليجية أن تلتقط هذه اللحظة لإطلاق مبادرات استباقية تجذب الأسواق العالمية، وتُعيد بناء الثقة مع الشركات السياحية الكبرى، وتعزز دور الإعلام في الترويج لصورة الخليج كوجهة آمنة ومثالية.
خارطة سياحية جديدة للمنطقة
وأضاف أن منطقة الخليج في طريقها نحو رسم خارطة سياحية جديدة، قائمة على التنوع والانفتاح والشراكات الذكية، بعيدًا عن الاضطرابات التي طالما أرهقت القطاع.
واختتم محمود فتحي تصريحه بالتشديد على أن السياحة لم تكن يومًا طرفًا في النزاعات، لكنها دومًا أول من يتلقى الصدمة وآخر من يتعافى، مشددًا على أن السلام، وإن كان هشًا، يظل هو الدعامة الأولى لأي نهوض اقتصادي حقيقي، وأن قطاع السياحة في الخليج قادر على استعادة عافيته شرط استمرار الاستقرار ووضوح الرؤية
التعليقات مغلقة.