جريدة اخبارية شاملة
رئيس التحرير طارق شلتوت

الدكتور محمد راشد : بناء برنامج تسعير متغير أبرز التحديات أمام شركات التطوير العقاري خلال 2024

قال الدكتور محمد راشد – عضو مجلس غرفه صناعه التطوير العقاري ، بأن القطاع العقاري في مصر ساهم بما يقرب من 12-13% من الناتج المحلي الإجمالي بمصر خلال عام 2022-2023 ، تلك النسبة التي ارتفعت من 10.5% في العام 2021-2022، و أضاف راشد ينقسم القطاع العقاري بمصر إلى ثلاثة أنواع رئيسية وهي القطاع السكني، والقطاع التجاري والإداري ، والقطاع السياحي أو الفندقي ، و يعتبر القطاع السكني الأكبر من حيث الحجم والقيمة، إذ يبلغ حجم القطاع السكني بمصر قرابة 40 مليون وحدة وفقًا لبيانات عام 2022-2023 ، و تمثل نسبة الإشغال بتلك الوحدات حوالي 65%، بينما تتبقى نسبة 35% الأخرى شاغرة لكنها مباعة لأغراض الطلب الاستثماري أو حفظ قيمة الأموال، وعلى الرغم من وجود تلك الوحدات الشاغرة (حوالي 14 مليون وحدة) إلا أن القطاع العقاري السكني بمصر يوجد به فجوة بحوالي 600 ألف وحدة سنويًا، تلك الفجوة في الطلب تدفع نحو إمكانيه استمرار نمو القطاع العقاري خلال فترة الخمس سنوات المقبلة بحوالي 6 – 7% سنويًا.

أما بالنسبه للنوع الثاني، وهو التجاري والإداري، وهو ما يتم قياسه بعدد الأمتار التي يتم بناؤها، يبلغ حجم الوحدات التجاريه والإداريه في مصر حوالي 6 ملايين متر مربع في عام 2022-2023 (مجموع المساحات التجارية والإدارية بمصر)، وتوجد فجوة طلب تراكمية على ذلك القطاع بحوالي 3 ملايين متر (أي أن المساحات التجارية والإدارية المعروضة أقل من المساحات المطلوبة بحوالي 3 ملايين متر)، لكن ذلك الطلب يتمركز بشكل كبير في منطقة العاصمة والمحافظات الرئيسية بمصر، وبالتالي فإن تلك الفجوة في الطلب تمثل دافعًا رئيسيًا لاستمرار نمو القطاع التجاري والإداري بنسبة 5 – 6% خلال السنوات الخمس المقبلة.

- Advertisement -

و يأتي النوع الأخير في العقارات التي تستخدم لأغراض سياحية والتي تتمثل في الشقق الفندقية والفنادق، حيث يبلغ عدد الوحدات الفندقيه في مصر حوالي 213 ألف غرفة فندقية وفقا لبيانات عام 2023، وتستهدف مصر زيادة عدد الغرف الفندقية بها إلى 500 ألف غرفة خلال خمس سنوات لتكون بذلك قادرة على استضافة قرابة 30 مليون سائح، وتستهدف الدولة جذب حوالي 18 – 20 مليون سائح خلال العام الحالي 2024 مقابل 15 مليون سائح في عام 2023، وهو ما يحفز استمرار الطلب على الاستثمار في الوحدات العقاريه الفندقيه والسياحيه.

وإستكمل راشد ، بأنه خلال عام 2023 ، واجه المطورون العقاريون في مصر العديد من التحديات التي أعادت هيكلة القطاع إلى حد كبير، يأتي في مقدمه تلك التحديات ارتفاع تكاليف التمويل بشكل كبير، شكّل ذلك التحدي عقبة كبيرة أمام المطورين العقاريين بمختلف شرائحهم، إذ إنهم تحولوا للتوسع في المبيعات التعاقدية لغرض جذب التمويل اللازم لإقامة المشروع، وهو ما يفسر الارتفاع الكبير الذي شهدته المبيعات التعاقدية للشركات العاملة بالقطاع العقاري في عام 2023 ، والتي تخطت نسبه ال 60% ، مقارنه بعام 2022 بحوالي 31% ، وذلك بسبب ارتفاع مستويات التضخم وتأكل القوه الشرائيه للجنيه المصري ، والتي حفزت الطلب علي شراء العقار ، في إطار رغبه العديد من المواطنين للحفاظ علي قيمه مدخراتهم الماليه من التأكل ، ليس فقط بدافع الإدخار كما يحدث في الظروف العاديه.

وذكر راشد ، أن تلك المبيعات التعاقدية تمثل خطرًا كبيرًا أمام كبار المطورين الذين يصارعون الوقت لبقاء هيكل التكاليف الخاص بمشروعاتهم ثابتًا إلى حد كبير في ظل تغير تكاليف الإنتاج بشكل كبير وسريع، ومخاطر سعر الصرف التي تواجه المطورين، إذ إنها تنذر بخطر الفشل في استكمال نسب تنفيذ مرتفعة بتلك المشروعات وتحقيق خسائر، خاصة في حال الفشل في إجراء تعاقدات بشكل سريع وعاجل مع شركات إنتاج المواد الخام لتثبيت التكاليف الخاصة بالمشروع، والحفاظ على هوامش الربح الخاصة بهم من التآكل بفعل التغير في تكاليف الإنشاء ، وإستكمل راشد تلك العوامل السابقة، تضع كبار المطورين العقاريين في مصر أمام العديد من التحديات التي تتمثل في بناء برنامج تسعير متغير يراجع سياسة التسعير بالشركة على مستويات متقاربة (مراجعة وتغيير سعر الوحدات بشكل دوري أقصر)، ومحاولة تثبيت هيكل تكاليف المشروع، وإنجاز المشروعات في فترات زمنية أقصر، وفي حال تحقيق المشروع لخسائر يتم تحميل المشروعات المقبلة للشركة نفسها بتكاليف الفشل في المشروعات السابقة، وعليه؛ فإن الشركات التي لديها بنك أراضي كبير ستكون الأكثر استخدامًا لتلك الاستراتيجية، وذلك حتى انتهاء التحديات الاقتصادية الحالية.

وأردف راشد أنه على الجانب الآخر؛ يواجه المطورون العقاريون الصغار والمتوسطون مخاطر أكبر، إذ إنهم لا يمتلكون القدرة على إجراء تعاقدات مع شركات مدخلات الإنتاج لتثبيت التكاليف، وهو ما يعني أنه في حال عدم توافر سيولة كافية بالشركة لشراء وتخزين معظم المواد الخام المطلوبة لاستكمال المشروع فإن تلك الشركة عرضة لتحقيق خسائر إلى حد كبير؛ بل وعدم القدرة على تعويض تلك الخسائر في المستقبل نظرًا لعدم وجود بنك أراضٍ آخر، وعادة ما تستخدم تلك الشركات رأس مالها في تنفيذ المشروعات، وليس من خلال الاستدانة، وهو الأمر الذي يضع المستثمرين أو مشتري تلك الوحدات السكنية أكثر عرضة لعدم قدرة الشركة على استكمال المشروع، ومن ثم تأخر مواعيد التسليم أو عدم استلام الوحدات التي تم شراؤها بشكل كبير.

وإختتم راشد أنه في المقابل يواجه طالب الوحدة العقارية في مصر أحد الخيارين، إما التعامل مع شركة من كبار المطورين بالقطاع العقاري وبذلك يضمن استلام وحدته في الموعد المحدد لها، لكن ذلك الخيار ينطوي على تسعير أعلى لسعر المتر المباع من نظيره بالسوق؛ نظرًا لأن معظم هؤلاء المطورين يبيعون أسماء تجارية تخاطب شريحة الدخل الأعلى أو فوق المتوسط، أما الخيار الثاني فهو خاص بالشريحة المتوسطة والاقتصادية والتي ستتعامل مع المطورين العقاريين من متوسطي وصغار الحجم، ومن ثم فهؤلاء المتعاملين يحصلون على سعر عادل لوحداتهم؛ لكن ذلك يكلفهم خطر التأخر في تسليم وحداتهم، أو تنفيذ وحداتهم بمواصفات أقل من المواصفات المتفق عليها، أو عدم استلام الوحدة إجمالًا، ومن المتوقع أن تستمر الظروف الحالية للقطاع العقاري المصري حتى استقرار الأوضاع الاقتصادية، وخلال تلك الفترة ستواصل أسعار العقارات الارتفاع لتعكس الارتفاعات السابقة في هيكل تكاليف بناء المشروعات، والخسائر المرحلة من المشروعات السابقة.