جريدة اخبارية شاملة
رئيس التحرير طارق شلتوت

أحمد أبو علي يكتب.. صفقات الاندماج والاستحواذ.. وسيناريوهات الاستثمار الأجنبي بالقطاع العقاري المصري

علي مدار السنوات القليلة الماضية ، شهد الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر تحولات عده ، ليس فقط لما قامت به الدوله المصريه من عمليه تغير واسعه لكافه آليات الحياه الاقتصاديه في مصر ، بل إن عمليه الاصلاح الاقتصادي التي قامت بها الدوله المصريه في نوفمبر لعام ٢٠١٦- أحدثت قدرا من التغير الإيجابي لشكل ومفهوم الاستثمار في بيئه الأعمال المصريه بكل جوانبها ، والتي أثرت بلا شك علي تنافسيه مناخ الاستثمار في مصر ، وخلقت حاله من التكالب الدولي نحو الاستثمار في مصر ، ومن بين أهم تلك القطاعات الاقتصادية التي شهدت تكالبا قويا للاستثمار بها كان القطاع العقاري في مصر ، لكن في حقيقه الامر ، أن واقع ونمط الاستثمار العقاري في مصر شهد مرحله جديده ومختلفة لم يكن يعتاد عليها ذلك القطاع من قبل – رغم أهميته الاقتصادية والاستثمارية ليس فقط للاقتصاد الوطني بل لكافه القطاعات الاقتصاديه الأخري داخل منظومه الاقتصاد الوطني ، لما لذلك القطاع من قدره نحو إحداث حاله تشغيل تامه ومستمره لأكثر من 70 صناعه ، بخلاف مايتولد عنه من فرص عمل متنوعه ومستمره، كل ذلك لم يكن ليحدث لو لم تقوم الدوله المصريه بما نفذته من حركه تنميه عمرانية طالت كافه انحاء مصر ،ليس ذلك فحسب ، بل إن الاختلاف في شكل ونمط وإليه وتركيبه الاستثمار العقاري نفسها – عززت من فرص الاستثمار المحلي والاجنبي داخل القطاع ، هذا بالاضافه إلي ماتم استحداثه من مفاهيم جديده داخل التنميه العمرانيه مثل المدن المستدامة ، ومدن الجيل الرابع ، كل تلك المفاهيم الاستثمارية لم تكن معتاده داخل القطاع العقاري في مصر ، بل كانت مجرد احلام بعيده ننظر إليها ونتباهي بها في دول أخري ، إلا أنه ومع تحرك الدوله المصريه نحو إعادة بناء الدوله المصريه وخاصه اقتصاديا – أدركت الدوله المصريه أنه أصبح لابد أن نسرع نحو اقامه كل تلك الأنماط الاستثماريه، وان نكون سباقين نحو استقطاب كافه اشكال الاستثمارات لها، وان نوفر لها اولا بيئه استثماريه تصلح لأن تحقق النجاح لذلك النمط من الاستثمارات ، وبالفعل حدث ذلك وراحت مصر تخطوا خطوات سريعه نحو إنجاح ذلك الامر- ومع الوقت شهد السوق العقاري المصري قدرا كبيرا من الاستثمارات الأجنبية التي وجدت من السوق العقاري المصري موطئ قدما لها لكي تحقق النجاح لها في القطاع العقاري في مصر ، ومع اختلاف التحديات وتنوع الرؤي ظهرت انماط جديده ومتنوعه للاستثمار الأجنبي بالقطاع العقاري في مصر ، كان من أهمها الان رغبه العديد من الكيانات العقاريه العربيه تحديدا في إجراء صفقات الاندماج والاستحواذ علي شركات عقاريه مصريه قائمه، ومن هنا أصبحت
تنصب الأنظار على القطاع العقاري المصري، هذا العام، ومع توالي عروض الاستحواذ على الشركات المحلية، بدأت باستحواذ إماراتي على سوديك، التي أصبحت طرفا في عملية استحواذ جديدة بعرض مقدم لمساهمي مدينة نصر للإسكان والتعمير، حيث قدمت شركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار (سوديك) أمس عرضا غير ملزم للاستحواذ “نقديا” على نسبه 100% من رأس مال شركة مدينة نصر، بعرض مبدئي لسعر السهم بمتوسط 3.3 جنيه، بما يرفع قيمة الشركة إلى أكثر من 6 مليارات جنيه، وتأتي الصفقة مدفوعة بشكل أساسي باستهداف شركة سوديك، لمحفظة الاراضي المتعدده التي تمتلكها مدينة نصر للإسكان، وهو ما سينعكس بالتبعية علي أن يتمكن التحالف الإماراتي من توسيع قاعدة أعماله في مصر، حيث يمتلك التحالف الاماراتي نحو نحو 85% من أسهم سوديك، وهو ما سيكون توجها قويا للتحالف نحو الاستحواذ علي أراضي شركة مدينة نصر ومشروعاتها التابعة القادمه كمشروع سراي وتاج سيتي، حيث تتوزع ملكية شركة مدينة نصر علي النحو التالي شركة بي آي جي انفستمنت جروب بنسبة 19.9% وبي انفستمنت القابضة 7.47% وتمتلك شركات حكومية نحو 22% تتوزع بين 15.19% للقابضة للتشييد والتعمير و3.69% لبنك الاستثمار القومي و3.17% لبنك مصر ويتداول في البورصة نحو 50.58%.

وعلي الرغم من رفض مدينه نصر للاسكان والتعمير العرض المقدم للاستحواذ عليها معلنه بأن العرض المقدم يعد تقييم غير موضوعي بقيمه أسهمها ، فإنه في حيال اكتمال تلك الصفقه ، ستعزز من تنافسية القطاع لكنها لا تؤثر على أسعار الوحدات العقاريه بمشروعات مدينه نصر للاسكان والتعمير ، فعندما تكون المنافسة بين شركات قوية يكون هذا في صالح جميع أطراف السوق، وهي أفضل كثيرا من منافسة بين شركات ضعيفة، كما ستساهم الصفقة، في حال إتمامها، في دعم خطط شركة سوديك التوسعية المستقبلية في مصر خاصة بسوق شرق القاهرة وزيادة قاعدة عملائها، وتحقيق الاستفادة العظمى من نقاط القوة لكلا الطرفين وتعظيم القيمة لمحفظة الأراضي المجمعة غير المطورة والتي تُقدر مساحتها بحوالي 11 مليون متر مربع، كما سيرتفع حجم الأراضي غير المستغلة المملوكة لدى سوديك أربعة أضعاف لتصبح 7.3 مليون متر مربع، وعلي الرغم من أن هذه المحفظة كبيرة جدًا لكنها لن تكون اللاعب الأكبر في هذه المنطقة، كما إنه في حال اكتمال الصفقة، ستصبح سوديك، خامس أكبر شركة بين الشركات العقارية المدرجة في البورصة، بدلا من المركز السادس حاليا.

- Advertisement -

و تسعى الشركات في كثير من الأحيان إلى الاندماج والاستحواذ على شركات أخرى للعديد من الأسباب الاستراتيجية؛ سواء لتعزيز قوتها عبر الاستفادة من نقاط قوة كل شركة تندمج معها أو تستحوذ عليها، أو لزيادة الحصة السوقية أو لتقليل المنافسة ، ولكن للأسف كثير من صفقات الاندماج والاستحواذ لا يُكتب لها النجاح في النهاية وتُصاب بالفشل.

ووفقا لبعض الاحصائيات ،
فإن 10% من صفقات الاستحواذ والاندماج يتم إلغائها قبل توقيع الاتفاق النهائي عليها، ولعل من الأسباب التي تؤدي إلى فشل عمليات الاندماج والاستحواذ كثيرة ومتعددة ومنها على سبيل المثال:

التقييم الخاطئ: الاستثمار في الأصول ربما يبدو جيدًا على الورق، لكنه على أرض الواقع قد لا يكون مُدر للإيرادات والأرباح بعد الانتهاء من إتمام الصفقة.

عدم الوضوح أثناء عملية الدمج: حيث أنه قبل الاندماج بين الشركات، إذا لم يتم عمل تقييم دقيق وواضح يساعد في تحديد الموظفين الرئيسين والمشاريع والعمليات والمنتجات الحيوية وحقيقة الأوضاع المالية، فإنها تؤدي إلى فشل في عملية الدمج.

اختلاف الثقافة: إذا فشلت صفقة الاندماج والاستحواذ في وضع استراتيجية قوية تضع في اعتبارها الاختلافات في الجوانب الثقافية للشركتين، فإن هذا في النهاية قد يُضعف من إنتاجية الموظفين في كلا الجانبيين خاصًة إذا حدث تغيير جذري في الثقافة التي تعمل بها الشركة في وقت قياسي.

التواصل الضعيف: إذا كان الهدف من وراء الصفقة غير واضح أو لم يتم إيصاله للموظفين بشكل جيد، يكون هذا سببًا في عدم التآزر بين فرق العمل وعدم تحقيق التوقعات المطلوبة من الصفقة.

عوامل خارجية: الكساد أو الانهيار الاقتصادي أو غيره من الأزمات والكوارث التي لا يد في الشركات بها، يمكن أن تكون من العوامل المؤثرة على ضعف أداء صفقة الاندماج والاستحواذ.

الأخطاء التفاوضية: عندما تقوم الشركات بدفع مقابل مادي مبالغ فيه للاستحواذ على شركة أخرى، يكون هذا عادًة سببًا في الخسائر المالية ومن ثم فشل صفقة الاستحواذ في النهاية.

ولاشك أن أن السوق العقاري المصري أثبت جدارته خلال الفترة الماضية، وخاصة في ظل الظروف التي واكبت قرارات الاصلاح الاقتصادي في 2016 وما ترتب عليها من تحديات كبرى أمام الشراكات مرورا بأزمة كورونا الأخيرة التي لم تترك تأثيرات جوهرية على القطاع، وهو مايعني إن السوق العقاري في مصر مؤهل لتنفيذ المزيد من مثل هذه الصفقات الكبرى، خاصة في ظل تراجع معدلات النمو في الأسواق الرئيسية في المنطقة وعلى رأسها السوق العقاري في منطقه الخليج العربي ، وذلك للمزايا التنافسية للسوق المصري تتعلق بكونه يتمتع بفرص كبيرة للنمو في المستقبل، خاصة في ظل تنامي الطلب مدفوعا بحجم الزيادة السكانية سنويا، كما أن صفقات الاندماج والاستحواذ العقاري التي ظهرت مؤخرا بالسوق المصري تعد ترجمة حقيقية للتطورات الايجابيه التي يشهدها السوق العقاري المصري

، ولا نستطيع أن ننكر أن التداعيات الاقتصادية الحاليه بمثابة صدمة كبري للعديد من شركات التطوير العقاري، حيث أن هناك العديد من الشركات تعتمد فى تنفيذ مشروعاتها على المبيعات، والتي ستتأثر بلاشك من الوضع الاقتصادي الحالي ، وهو ما يعني أن الشركات التى ستستطيع الاستمرار في السوق هى التى تمتلك الخبرة في القطاع العقاري، و لديها ملاءة مالية قوية تمكنها من مواجهه التحديات الاقتصادية الاخيره والتغلب عليها ، ولعل ذلك الأمر غير متواجد سوي بعدد قليل ومحدود من شركات التطوير العقاري داخل السوق العقاري المصري، هذا بالاضافه الى ماشهدته أسعار مواد البناء فى مصر بالارتفاع بنسب كبيرة خلال الفترة الأخيرة، ووصلت إلى مستويات قياسية مدفوعة بموجة التضخم العالمى الناجمة عن ارتفاع أسعار الطاقة وتعطل سلاسل الإمداد العالمية بفعل جائحة كورونا، مما قد ينعكس بالسلب وبقوة على أسعار الوحدات العقارية فى مصر على اختلاف أنواعها خلال الفتره القادمه، حيث أن موجة التضخم التى يشهدها العالم حاليا سيتأثر بها القطاع العقارى بلا شك فى شكل زيادة فى أسعار العقارات بنسبة زيادة قد تصل إلى 25%، نظرا للارتفاع الكبير فى أسعار مواد البناء، كما ان ارتفاع أسعار العقارات سيترتب عليه ارتفاع القيمة السوقية للأراضى فى مصر، وهو ما يفرض على المطورين العقاريين المرونة التسويقية للشركات ودراسة أساليب جديدة فى التسويق، كما أنه من المتوقع لن يحدث تراجع فى حجم الطلب العقارى فى الفترة المقبلة، خصوصًا وأن المؤشرات العالمية تحذر من موجة ركود تضخمى، وهو من أسوأ الأزمات التى يمكن أن تصيب الأسواق العالمية ومن بينها مصر بطبيعة الحال.
ولاا شك أن السوق العقارى فى مصر يتحمل مخاطرة البيع على الخريطة، وبالتالى الشركات التى حققت أرقام مبيعات كبيرة خلال الفترة الماضية لن تتمكن من رفع الأسعار وستتحمل الزيادة من هامش أرباحها، وتقوم الشركات العقارية ترفع أسعار البيع كل عام فى الظروف العادية بنسبة من 5 إلى 10%، ولكن مع الارتفاع الكبير فى أسعار المواد البناء، يمكن أن تتجاوز 15%، كما أن كبار المطورين تكون لديهم عقود لفترات ممتدة مع المقاولين لتنفيذ المشروعات وبالتالى لن تتأثر هذه الشركات بالزيادة السعرية لمواد البناء، وبالتالى فإن الأكثر تأثرا من ارتفاع نسب التضخم هم صغار المطورين، الأمر الذى قد يترتب عليه خسارة شريحة كبيرة من فئة العملاء الذين تخاطبهم هذه الشركات.