جريدة اخبارية شاملة
رئيس التحرير طارق شلتوت

أحمد أبو علي يكتب.. شركات التمويل العقاري… رمانة الميزان لإنقاذ الصناعة العقارية

علي مدار السبع سنوات الاخيره لعب قطاع الاستثمار العقاري دورا هاما في دعم الاقتصاد الوطني بشكل اكسب القطاع العقاري مؤخرا بأن يصبح أحد أهم القطاعات التي تؤثر في الاقتصاد المصري، ولا نستطيع أن نختلف بأن القوانين المنظمة للسوق العقاري تعد ذات أهمية قصوى – في إنجاح الصناعه العقاريه بكل أطرافها المشتركه فيها، وذلك لأنها تشكل الإطار القانوني الذي ينظم الصناعه العقاريه، ولذلك تعد قوانين التمويل العقاري من أهم القوانين التي وضعت لتنظيم ودعم الصناعه العقاريه، حيث يسهم في توفير التمويل متوسط وطويل الأجل لاقتناء العقارات سواء كانت لأغراض اقتصادية كالشراء من أجل الاستثمار، او الشراء من أجل التمليك، وتنبع أهمية قطاع التمويل العقاري من كونه يؤثر ويرتبط بالعديد من الخدمات والعمليات التشغيلية داخل القطاع العقاري مثل التمويل العقاري والتأجير التمويلي والتوريق وقيد الشركات العقارية في البورصة إضافة إلى صناديق الاستثمار العقاري.

ولعل ماسبق ذكره يوضح مدي اهميه الدور الذي أصبحت تلعبه شركات التمويل العقاري داخل الصناعه العقاريه ، ولما لا والتمويل يعد هو الشق الاكثر اهميه والاقوي تأثيرا في تحقيق حاله التشغيل القويه والمستمره والتي يحتاج إليها طرفي المعادله العقاريه وهما المطور والعميل، وتزداد اهميه ذلك الدور ويتضح تأثيرها في أوقات الأزمات الاقتصادية والتي تصاحبها حالات من الركود تستدعي ضروره توافر الدعم المادي والذي يمثل طوق النجاه للصناعه العقاريه في مواجهه الأزمات الاقتصادية وعلي رأسها التضخم، وذلك لاحداث حاله تشغيل للقطاع العقاري – تحدث تنشيط لجانبي العرض والطلب، ولعل تلك النقطه هي ماتعد الاكثر اهميه ، حيث أنها تعني أن التمويل العقاري ليس فقط للأشخاص لدعمهم ومساندتهم في تحقيق وإتمام عمليات الشراء علي المنتج العقاري المقدم ، إنما مايهمني هنا هو قيام شركات التمويل العقاري في تقديم التمويل لشركات التطوير العقاري لمساندتها في تعزيز موقفها المالي خاصه الشركات صاحبه الملاءة الماليه الضعيفه ، أو حتي للشركات في تدعيم موقفها المالي في مواجهه الأزمات الاقتصادية مثلما نشهده حاليا من ارتفاع كبير في مستويات التضخم وماصحبه بالتبعية ارتفاع في مستويات الأسعار خاصه في مواد البناء ، والتي بلا شك مثلت علي مدار الفتره الحاليه عقبه وتحدي قوي أمام العديد من شركات التطوير العقاري إن لم يكن جميعها.

- Advertisement -

وهو ما يؤكد بأن شركات التمويل العقاري أصبحت الآن تلعب دورا حيويا مؤثرا في ضبط الصناعه العقاريه ، وهو مايستدعي التفكير جديا هل ماتقدمه شركات التمويل العقاري الان داخل السوق العقاري المصري كافيا ، وهل هذه الشركات كافيه من حيث العدد ومن حيث ميزانيتها بأن تستطيع تقديم الدعم للقطاع العقاري الان، وفي سبيل الرد علي تلك التساؤلات، فلقد بلغ عدد الشركات الحاصلة على رخصة مزاولة التمويل العقاري في السوق المصري 16 شركة بنهاية عام 2021 (منها شركة واحدة لإعادة التمويل العقاري)، وقامت شركات التمويل العقاري بمنح 8.1 مليار جنيه لعملائها خلال عام 2021 مقارنة بـ 3.4 مليار جنيه خلال عام 2020، بمعدل نمو بلغ 138.2%، وهو ما يؤكد تعافي السوق العقاري بشكل كبير من جراء جائحة كورونا، بالإضافة إلى توجه شركات التطوير العقارى للتعامل مع شركات التمويل العقاري بشكل أكبر، وهي ثقافه لم تكن متواجده بقوه من قبل لدي المطورين العقاريين في مصر.

وبلغ عدد المستفيدين من النشاط التمويلي لشركات التمويل العقاري حوالي 3.5 مليون مستفيد بنهاية عام 2021، مقارنة بـ 3.2 مليون مستفيد بنهاية عام 2020، بمعدل نمو بلغ 9.4%، وفقا لبيانات هيئه الرقابه الماليه، هذا بالاضافه إلي قيام شركات التمويل العقاري بزيادة تواجدها وانتشارها الجغرافي عن طريق 3156 منفذ تمويل بنهاية عام 2021 تغطي معظم مراكز ومدن الجمهورية، مقارنة بـ 2818 منفذًا بنهاية عام 2020، و
استحوذ التمويل العقاري المقدم للافراد على 23.2 مليار جنيه من جملة التمويلات البالغة 27.1 مليار جنيه بنهاية عام 2021، مقارنة بـ 16.2 مليار جنيه من جملة التمويلات البالغة 19.4 مليار جنيه بنهاية عام 2020، بمعدل نمو بلغ 43.2%.

ويعانى نشاط التمويل العقارى العديد من المشكلات التى تحول دون تحقيق مستهدفاته، وتتجسد أبرز المشكلات التى تواجه التمويل العقارى، بخلاف الكساد الاقتصادى والتدهور السياسى فى انحسار الجزء القابل للتمويل إلى %50 من الثروة العقارية، والباقى يصنف ضمن العشوائيات، فضلاً عن أبرز المشكلات التى يعانى منها النشاط والمتعلقة بتسجيل العقارات، ما يعوق الشركات العاملة فى النشاط عن إيجاد آليات تمويلية متعارف عليها فى معظم الاقتصادات، ومنها التوريق والصكوك، ليبقى المتاح لها رؤوس أموالها وقروض إعادة التمويل، كما إن نسبة التمويل العقارى فى مصر من حجم الناتج القومى الإجمالى تقدر بحوالى %0.4 وهى نسبة ضئيلة للغاية، مقارنة بدول أخرى مثل ماليزيا والهند والأردن، وتعد الأقل على مستوى العالم، كما أن نسبة التمويل العقارى فى الهند تتخطى حاجز الـ%20 من حجم الناتج القومى الإجمالى، فى حين تصل نسبته فى الأردن إلى %11 من الناتج المحلى والمغرب إلى %7 من إجمالى الناتج المحلى، ووصل فى أمريكا إلى %80 وفى فرنسا وصل إلى %40، وساهم انخفاض الدخول فى ظل قانون التمويل العقارى الذى يحدد نسبة القسط إلى الدخل بـ%25 إلى ارتفاع مقدمات الحجز التى يسددها العميل، والتى تصل إلى %50 من قيمة الوحدة، وإلى تراجع معدلات التعثر فى السداد، لتصل نسبتها إلى %3 فقط، فى الوقت الحالى، كما ساهم ارتفاع مقدمات الحجز أيضاً فى تراجع معدلات الـ«itv »- قيمة قسط التمويل إلى القيمة الإجمالية للوحدة- لتتراوح بين 40 إلى %50 فى الوقت الحالى، كما إن سداد العميل لنحو %50 من قيمة الوحدة كدفعة مقدمة يجعله أكثر التزاماً بسداد أقساط التمويل، كما أنه من أهم التحديات التى تحول دون التوسع فى نشاط التمويل العقارى، وعلى رأسها تسجيل العقارات، خاصة أن ما نسبته %90 من العقارات فى مصر غير مسجلة ورغم المحاولات العديدة من النظام السابق لتفعيل مشروع السجل العينى للقضاء على ظاهرة العقارات غير المسجلة، لكنه لم يتم تطبيقه كما عاد المشروع لمرحلة الصفر مرة أخرى، وينتج عن مشكلة تسجيل العقارات مشكلة أخرى، تتمثل فى طول إجراءات الحصول على التمويل التى تستنزفها الجهات المعنية لإجراء عمليات التسجيل، مما يشعر العميل بالملل ويجعله يبحث عن آليات أخرى للحصول على السكن.

كما أن التمويل العقارى فى مصر، يواجه عقبة أخرى تتمثل فى طول فترات السماح التى يمنحها المطورون العقاريون للعملاء، والتى تصل إلى 7 سنوات دون فوائد واعتبرته أمراً مثيراً للجدل ومقلقا، كما أن معظم العقود المبرمة مع العملاء، لا تتطرق للتنفيذ على أرض الواقع لأن العميل مطالب بسداد أقساط الوحدة دون النظر للتنفيذ فى الموقع.

كما أن طول فترات السداد، التى تتيحها الشركات العاملة بالاستثمار العقارى، مع عدم احتساب فوائد والبيع على الماكيت يظهران فقط فى السوق العقارية المصرية دون غيرها، وهو ما يمثل تحديا قويا إمام شركات التمويل العقاري من القيام بدورها، كما
أن نشاط التمويل العقارى، يشهد ارتفاعًا فى الطلب من خلال البنوك أكثر من الشركات العاملة، وهو أمر مرتبط إلى حد كبير بالثقة فى الجهاز المصرفى، نظرًا لطول فترة وجود البنوك بخلاف شركات التمويل التى ما زالت وليدة، فضلاً عن قدرة البنوك التنافسية على زيادة محفظتها، وتدبر السيولة اللازمة من خلال الودائع.

كما أنه ضمن المشكلات التى تواجه التمويل العقارى ارتفاع أسعار الفائدة، إلا أن المناخ الاقتصادى العام يواجه المشكلة نفسها، مستبعدة جدية دعم أسعار الفائدة على التمويل العقارى، لأن الدعم يعد مهم فى حاله وصول سعر الفائدة إلى %6 ليصل بعد الدعم إلى %4، أما أسعار الفائدة الحالية والتى تصل إلى %16 فلن يؤثر فيها الدعم، كما أن ارتفاع أسعار فائدة الودائع سيؤثر سلبًا على التمويل العقارى، خاصة مع اقتراب الشركات من استنفاد رؤوس أموالها، وبالتالى ستضطر إلى البحث عن آليات تمويلية مختلفة ستنعكس على سعر الفائدة على التمويل، كما أن أسعار الفائدة على قروض إعادة التمويل الممنوحة من الشركات تصل حاليًا إلى %10.25 و التى تصل فيها مدة قرض التمويل إلى 20 عاماً، بينما تصل أسعار الفائدة على التمويل من 7 سنوات فأكثر إلى %12.

وفي النهايه فأن ذلك الأمر يستلزم ضروره التنسيق بين الجهات العاملة بالتمويل العقارى، ومن بينها الجمعية المصرية للتمويل العقارى وشركات التمويل والبنوك العاملة، بالإضافة إلى صندوق دعم وضمان التمويل العقاري، حيث أن صندوق دعم وضمان التمويل العقارى يمتلك خطة طموحه ستسهم فى تنشيط السوق، خاصة بالنسبة لوحدات الإسكان المتوسط التى ستساهم فى زيادة عملاء شركات التمويل، كما ستتيح الفرصة للشركات غير النشطة حاليًا للعمل.