جريدة اخبارية شاملة
رئيس التحرير طارق شلتوت

جيرمين عامر.. من كواليس الصحافة إلى هندسة الصورة الذهنية في القطاع المصرفي

في مسيرة مهنية تحمل الكثير من التأمل والتجريب، نجحت جيرمين عامر، رئيس قطاع الاتصال المؤسسي بالمصرف المتحد، في رسم طريق مختلف، لم يخضع للقوالب التقليدية، بل تشكّل عبر محطات متعددة صقلت رؤيتها وصنعت هويتها القيادية. رحلة بدأت من عباءة الصحافة والإعلام، وانتهت إلى موقع مؤثر في صناعة الصورة الذهنية وبناء العلامات المؤسسية داخل القطاع المصرفي.

تنتمي جيرمين عامر إلى بيت إعلامي عريق؛ فهي ابنة أحد رواد الصحافة الاقتصادية في مصر، وهو ما جعل الإعلام حاضرًا في حياتها منذ الصغر. وبرؤية استشرافية، أصر والدها على أن تلتحق بالجامعة الأمريكية بالقاهرة لدراسة العلوم السياسية، إيمانًا منه بأن هذا التخصص يمثل قاعدة معرفية أساسية لفهم الإعلام والاقتصاد والعلاقات العامة بشكل أعمق وأكثر شمولًا.

- Advertisement -

تجربة الصحافة بالخارج: شغف لم يكتمل

وعلى الرغم من هذا الإعداد الأكاديمي، جاءت التجربة العملية الأولى لتكشف لها ملامح مختلفة للمهنة. فقد خاضت جيرمين تجربة العمل الصحفي خارج مصر من خلال وكالة «جلف نيوز»، حيث واجهت ضغوط العمل الإخباري اللحظي، ومتابعة الأحداث على مدار الساعة، لتدرك مبكرًا أن هذا النمط لا يتوافق مع أسلوب حياتها ولا مع طموحاتها الشخصية.

من الشاشة إلى ما وراء الكاميرا: البحث عن الذات المهنية

وبعد عودتها إلى مصر، اتجهت إلى تجربة مغايرة تمامًا، بالعمل كمذيعة برامج أطفال بشبكة ART تحت إشراف الإعلامية منى جبر. ورغم ما يحمله الظهور التلفزيوني من بريق وجاذبية، فإن هذه التجربة، على ثرائها، لم تشبع تطلعاتها المهنية، لتواصل البحث عن المساحة التي تستطيع من خلالها التعبير عن قدراتها الحقيقية.

العلاقات العامة.. لحظة الاكتشاف الحقيقي

نقطة التحول الحاسمة في مسار جيرمين عامر جاءت مع اكتشافها لمجال العلاقات العامة والتسويق والاتصال المؤسسي. هناك، وجدت المزيج الذي كانت تبحث عنه: الإبداع، والتخطيط الاستراتيجي، والقدرة على التأثير طويل المدى. ومن هذه البوابة، انطلقت رحلتها المهنية التي شهدت محطات بارزة داخل مؤسسات كبرى، من بينها البنك التجاري الدولي (CIB) وشركة أوراسكوم، حيث اكتسبت خبرات متنوعة في إدارة السمعة المؤسسية والتواصل الاستراتيجي.

محطات مفصلية وصولًا إلى المصرف المتحد

وتصف جيرمين تجربتها في المصرف المتحد بأنها من أغنى وأهم محطات حياتها المهنية، خاصة أنها تزامنت مع مرحلة دقيقة من تاريخ القطاع المصرفي المصري، تمثلت في برنامج الإصلاح المصرفي ودمج ثلاثة بنوك في كيان واحد. وهو تحدٍ استثنائي تطلب بناء هوية مؤسسية موحدة، وترسيخ ثقافة داخلية جديدة، والتواصل الفعال مع مختلف أصحاب المصلحة.

«فن التأثير» وقناعة المسار غير التقليدي

وخلال مشاركتها في جلسة «فن التأثير» على هامش قمة المرأة المصرية، استعرضت جيرمين عامر ملامح هذا المسار غير التقليدي، مؤكدة أن النجاح لا يرتبط بالسير في طريق واحد مستقيم، بقدر ما يعتمد على الإصرار على تطوير المهارات، والقدرة على التكيف مع المتغيرات، وتحويل التحديات إلى فرص للتعلم والنمو.

كيف تُبنى العلامة المؤسسية من الداخل؟

وفي أكثر من حوار اقتصادي، شددت جيرمين على أن بناء علامة تجارية مؤسسية قوية لا يبدأ بالحملات الإعلانية، بل بفهم عميق لثقافة المؤسسة وتحديد قيمها الجوهرية، ثم نقل هذه القيم بصورة متسقة وواضحة إلى الموظفين أولًا، باعتبارهم سفراء العلامة، ثم إلى الجمهور الخارجي. وهو النهج الذي تبنته ونجحت في تطبيقه داخل المصرف المتحد.

القيادة بالقدوة وتمكين الفرق

كما تولي جيرمين أهمية خاصة لمفهوم القيادة بالقدوة، معتبرة أن دور القائد لا يقتصر على وضع الاستراتيجيات واتخاذ القرارات، بل يمتد إلى تمكين الفرق، وتحفيزهم، وفتح المجال أمامهم للتجربة والتعلم، بما ينعكس إيجابًا على الأداء الجماعي واستدامة النجاح.

التعلم المستمر مفتاح الاستدامة المهنية

وعلى صعيد التطوير المهني، تحرص جيرمين عامر على المشاركة المستمرة في ورش العمل والمنتديات والفعاليات الوطنية والدولية المتخصصة في الاتصال المؤسسي والتسويق، إيمانًا منها بأن التعلم المستمر والاطلاع على أفضل الممارسات العالمية هما الضمان الحقيقي للحفاظ على التميز والابتكار في عالم سريع التغير.

وتبقى تجربة جيرمين عامر نموذجًا ملهمًا لمسار مهني غير تقليدي، يبرهن على أن الشغف حين يقترن بالمرونة والعمل الجاد، يمكنه أن يقود صاحبه إلى مواقع التأثير وصناعة الفارق، بعيدًا عن المسارات النمطية، وقريبًا من جوهر القيادة الحقيقية.

التعليقات مغلقة.