جريدة اخبارية شاملة
رئيس التحرير طارق شلتوت

أحمد شحاته يكتب .. لماذا تقود ” الرياض” المؤشر العقاري السعودي ؟

يعتمد نجاح الاستثمار العقاري في أي توقيت على أهمية الموقع، حيث يقال الموقع ثم الموقع ثم الموقع، و تلعب مدينة الرياض بالذات، أهمية خاصة ومركزية للتغيرات الاقتصادية عموما، وقد تكون أهم مركز نمو في المملكة العربيه السعوديه الان ، لهذا ليس غريبا أن تقود الرياض التغيرات في أسعار العقارات داخل المملكه العربيه السعوديه، حيث لا تقل قيمة الصفقات العقارية في مدينة الرياض عادة عن 90 في المائة من إجمالي قيمة صفقات منطقة الرياض العقارية.
وبلاشك تلعب المدن الكبرى دورا مهما في نمو الدول وتقدمها، حيث تتمحور حولها الأنشطة الاقتصادية والخدمية خصوصا، فعلي سبيل المثال تتركز في أكبر مدن المملكة الرياض الأنشطة الحكومية والخاصة، كما تتولد فيها الوظائف بشكل أقوى عن باقي المناطق، ما يجذب إليها الهجرات السكانية والزوار من باقي المناطق والعالم أيضا، ويحفز بالتالي الطلب على العقارات عموما بها وازدادت في الآونة الأخيرة الأنشطة الترفيهية وتعافت بعد مرور أزمة كورونا، كما نمت خلال الفترة الماضية الخدمات عموما، وخصوصا الخدمات المالية وخدمات الأعمال. وتشهد الرياض إقامة مشاريع كبرى تحفز مزيدا من الطلب على العقارات، ما يدعم تحسن الأسعار.
وتأتي قيادة مدينة الرياض للمؤشر العقاري السعودي ، نظرا لأهميتها كموقع، حيث تتوافر فيها بنية أساسية ضخمة من طرق وجسور ومناطق مختصة وأسواق وخدمات حكومية وخاصة ومراكز شركات ومصارف وشبكات اتصال تمتاز بالكفاءه، كما تلعب الرياض دورا محوريا في الثقل الاقتصادي للمملكة وعدد سكان كبير ومعدلات دخل مرتفعة، ما يجعلها سوقا استهلاكية هائلة تشجع على الاستثمار في قطاع العقارات بشكل عام والسكنيه علي وجه التحديد ، و في المقابل، فإن ارتفاع أسعار العقار في الرياض سيرفع تكاليف الوحدات السكنية والتجارية ويزيد مع مرور الوقت تكاليف الإيجارات السكنية والتجارية. وهذا سيرفع عوائد العقارات للملاك، لكنه سيضيف مزيدا من التكاليف على المستأجرين والسلع والخدمات، ما يعني زيادة مخصصات السكن في ميزانيات المستأجرين خصوصا وارتفاع تكاليف المعيشة عموما.

وتشير المؤشرات العقاريه داخل المملكه إلى تحسن واضح في أسعار العقارات عموما على مستوى المملكة، حيث ارتفعت أسعار العقارات خلال النصف الأول من 2023 بنسبة 1.6 في المائة مقارنة بالفترة نفسها في 2022، وهو تحسن جيد، لكنه لا يعكس تفاصيل تغيرات أسعار العقارات في مناطق المملكة. وتتحرك الأسعار باتجاهات ونسب متباينة بين المناطق في أي بلد في العالم، فقد ترتفع في منطقة وتنخفض في أخرى، أو قد تتباين التغيرات بين أجزاء المنطقة أو حتى المدن نفسها، لكن المؤشرات العقارية لمنطقة ما تعكس عادة إجمالي التغيرات في حيز المنطقة الجغرافي.

- Advertisement -

إضافة إلى الرقم القياسي العام لأسعار العقارات في المملكة، تورد نشرة الرقم القياسي لأسعار العقارات التي تصدرها الهيئة العامة للإحصاء المؤشرات العقارية وتغيراتها في مناطق المملكة المختلفة، حيث تشير نشرة الربع الرابع 2022 إلى تباين تغيرات الأسعار بين مناطق المملكة المختلفة. ففي هذه النشرة تقود منطقة الرياض، بشكل واضح، حجم تغيرات الأسعار الإيجابية خلال الربع الرابع 2022، حيث ارتفعت أسعار عقاراتها سنويا بنسبة 4.1 في المائة، ويفوق حجم التغير في المملكة ككل بأكثر من الضعف. وتؤثر المناطق المكتظة بالسكان، كالرياض ومكة المكرمة والمنطقة الشرقية، أكثر من غيرها في تغيرات الرقم القياسي العام للعقارات في المملكة، حيث ان التغير الإيجابي في الرقم القياسي العام للمملكة يعود لزيادة أسعار عقارات منطقة الرياض. أما بعد منطقة الرياض، فقد جاءت منطقة جيزان بنسبة التغير الإيجابي، حيث ارتفعت أسعار عقاراتها بنسبة 4 في المائة تقريبا، وهي نسبة مرتفعة لكن مساهمتها في التغيرات الإجمالية للمملكة أقل بكثر بسبب انخفاض أهمتيها النسبية مقارنة بالمناطق الكبيرة سكانيا.

شهدت مناطق المملكة الأخرى تباينات في اتجاه ومستويات تغير أسعار العقارات، حيث ارتفعت أسعار العقارات خلال الفترة على أساس سنوي في مناطق: مكة المكرمة وعسير وحائل والجوف والمنطقة الشرقية بنسب 0.9 في المائة، 0.8 في المائة، 0.7 في المائة، 0.2 في المائة، 0.1 في المائة على التوالي. أما في المناطق الأخرى، وهي المنطقة الشمالية وتبوك والقصيم والمدينة المنورة ونجران والباحة، فقد تراجعت أسعار العقارات بنسب 2.2 في المائة، 09 في المائة، 0.7 في المائة، 0.4 في المائة، 0.8 في المائة، 0.1 في المائة على التوالي. وتؤكد نسب التغيرات تأثير وأهمية المناطق الأعلى سكانا في المؤشر العام للعقارات.

أتت معظم تغيرات أسعار عقارات منطقة الرياض من العقارات السكنية التي ارتفعت بنسبة 6.8 في المائة، وتفوق هذه النسبة المعدل العام في المملكة بضعفين ونصف الضعف. تركزت الزيادة خلال الفترة في أسعار الأراضي السكنية التي ارتفعت بنسبة 7 في المائة تقريبا. كما زادت أسعار الشقق بنسبة 2.8 في المائة، وهي نسبة مقاربة للارتفاع العام لأسعار الشقق في المملكة ومؤشر إلى تحول الطلب السكني في المملكة للشقق بشكل أكبر من أنواع المساكن الأخرى. من جانب آخر، ارتفعت أسعار عقارات الرياض التجارية بنسبة 0.4 في المائة، وبشكل مغاير عن اتجاه أسعار نظيرتها على مستوى المملكة المتراجعة بنسبة 0.2 في المائة. وسجلت باقي مناطق المملكة تراجعات في أسعار العقارات التجارية، ما عدا حائل ونجران وتبوك، التي تنخفض أهميتها النسبية في الرقم القياسي العام.