جريدة اخبارية شاملة
رئيس التحرير طارق شلتوت

محمود الحلفاوي يحذر من شبح الركود التضخمي ويكشف روشتة النجاة: تنويع الاستثمارات وتحصين المدخرات

حذّر الدكتور محمود الحلفاوي، خبير الحوكمة والالتزام، من احتمالات دخول الاقتصاد العالمي في مرحلة ركود تضخمي أو تباطؤ حاد في النمو خلال الفترة المقبلة، داعيًا المستثمرين إلى اعتماد تنويع استثماري واسع بين الذهب والعملات والسلع، مع التركيز على قطاعات الرعاية الصحية والطاقة المتجددة، ورفع مستوى المدخرات المخصصة للطوارئ.

وقال الحلفاوي إن مؤشرات عالمية عديدة بدأت تثير مخاوف المحللين من عودة الكابوس الاقتصادي الذي ضرب العالم في سبعينيات القرن الماضي، والمتمثل في الركود التضخمي؛ وهو وضع يجمع بين ارتفاع الأسعار، وتباطؤ النمو، وزيادة البطالة في الوقت نفسه.

- Advertisement -

ما هو الركود التضخمي؟.. معضلة “لا تُحل” بالسياسات التقليدية

أوضح الحلفاوي أن ركائز الظاهرة تتمثل في:

تضخم مرتفع ومستمر

تباطؤ اقتصادي حاد

ارتفاع البطالة

وأشار إلى أن هذه المعادلة تخرج عن منطق السياسات الاقتصادية التقليدية؛ إذ إن تحفيز النمو عادة يرفع التضخم ويخفض البطالة، بينما كبح التضخم يقلل النمو ويزيد البطالة، لكن الركود التضخمي يكسر هذه القاعدة ويخلق مأزقًا تتعقد معه القرارات الاقتصادية.

وأضاف أن البيانات تؤكد حدة الأزمة، حيث بلغ التضخم في منطقة اليورو ذروته عند 10.6% في أكتوبر 2022، بينما سجل في الولايات المتحدة 9.1% في يونيو 2022، وهي مستويات لم تشهدها هذه الاقتصادات منذ أربعة عقود.

 

أسباب عودة ظاهرة الركود التضخمي عالميًا

استعرض الدكتور محمود الحلفاوي أبرز العوامل التي ساهمت في إعادة إشعال الظاهرة وفي مقدمتها:

1- اضطراب سلاسل الإمداد العالمية

تفاقمت بسبب جائحة كورونا، والإغلاقات، ثم ازدادت سوءًا مع الحرب الروسية الأوكرانية والعقوبات المتبادلة.

2- أزمة الطاقة العالمية

العقوبات على روسيا خفضت إمدادات النفط والغاز، فدفعت أسعار الطاقة إلى مستويات قياسية.

3- السياسات النقدية التوسعية

ضخ البنوك المركزية كميات ضخمة من السيولة خلال الجائحة رفع التضخم سريعًا.

4- الأزمات الجيوسياسية وتحولات الإنفاق

الحرب في أوكرانيا أثرت على إمدادات الحبوب، بينما تغيرت أنماط استهلاك الأفراد بعد الجائحة لصالح السلع بدلًا من الخدمات.

 

تداعيات خطيرة على المستهلكين والشركات والحكومات

أكد الحلفاوي أن الركود التضخمي يترك آثارًا ثقيلة على مختلف أطراف الاقتصاد:

على المستهلكين

تآكل القوة الشرائية

صعوبة تلبية الاحتياجات الأساسية

تقلص فرص العمل

على الشركات

ارتفاع تكاليف الإنتاج: طاقة، مواد خام، أجور

انكماش الطلب

تراجع الأرباح واتجاه الشركات لخفض العمالة

على الحكومات

ضغوط هائلة على المالية العامة

انخفاض الإيرادات وارتفاع الإنفاق الاجتماعي

اضطرابات الأسواق المالية وهروب رؤوس الأموال

زيادة مخاطر التعثر في سداد الديون

ارتفاع الفقر والتوترات الاجتماعية

معضلة صناع السياسات.. خيارات صعبة ونتائج مؤلمة

قال الحلفاوي إن الحكومات وصنّاع السياسات يعيشون أمام معضلة مستحيلة، فرفع الفائدة لكبح التضخم يخنق النمو، بينما خفضها لتحفيز النمو يشعل التضخم.

وأشار إلى أن البنوك المركزية تواجه اختبارًا تاريخيًا؛ إذ تُضطر لرفع الفائدة بقوة رغم إدراكها أن هذه الخطوة تدفع الاقتصاد نحو الركود.

 

عوامل إيجابية قد تخفف حدة الأزمة

ورغم الصورة القاتمة، أكد الحلفاوي وجود نقاط ضوء قد تحد من شدة الركود التضخمي، أبرزها:

مرونة الأسواق العالمية وسرعتها في التكيف

التقدم التكنولوجي الذي يرفع الإنتاجية

تحول الطاقة عالميًا وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري

 

خريطة مواجهة الركود التضخمي: من الحكومات إلى الأفراد

سياسات حكومية مطلوبة:

سياسات مالية ذكية تستهدف الفئات الأكثر تضررًا

تعزيز الاستثمارات في الطاقة البديلة والأمن الغذائي

أدوار البنوك المركزية:

اعتماد سياسات نقدية متوازنة

توقيت دقيق لقرارات رفع الفائدة

نصائح المستثمرين:

تنويع المحافظ بين الذهب والعملات والسلع

الاستثمار في الرعاية الصحية والطاقة المتجددة

تعزيز المدخرات للطوارئ

نصائح للأفراد:

تطوير المهارات المهنية لرفع القيمة في سوق العمل

ترشيد استهلاك الطاقة والغذاء

 

رسالة الحلفاوي: “أزمة تهدد النموذج الاقتصادي العالمي”

اختتم الدكتور محمود الحلفاوي بأن الركود التضخمي يمثل تحديًا وجوديًا للنموذج الاقتصادي العالمي، وليس مجرد أزمة عابرة، مشددًا على ضرورة إعادة هندسة الاقتصاد العالمي ليصبح:

أكثر تنوعًا في مصادر الطاقة

أكثر مرونة في سلاسل الإمداد

أكثر عدالة في توزيع الثروة

 

التعليقات مغلقة.