شهدت السوق المصرية خلال الساعات الماضية حالة من الجدل عقب صدور القرار الوزاري رقم (98) لسنة 2025، الذي نصّ على فرض رسم بنسبة 16.2% من القيمة CIF (التكلفة والتأمين والشحن) على واردات البليت، على ألا يقل عن 4613 جنيهًا للطن الواحد. القرار جاء استنادًا إلى القانون رقم 161 لسنة 1998 بشأن حماية الاقتصاد القومي من الممارسات الضارة في التجارة الدولية، وتوصية اللجنة الاستشارية المنعقدة في 10 سبتمبر 2025.
صدى القرار بين شركات الحديد
مجموعة الجارحي للصلب أعلنت عن زيادة أسعارها فور صدور القرار، مبررة ذلك بالارتفاع المباشر في تكلفة استيراد البليت، مؤكدة أن الخطوة ضرورية للحفاظ على استمرارية التشغيل وتغطية التكاليف.
شركة المراكبي للصلب اتجهت هي الأخرى إلى رفع أسعار منتجاتها، مشيرة إلى أن القرار سيؤثر على معادلة العرض والطلب داخل السوق المحلي.
أما شركة حديد عز، فقد اتخذت موقفًا مختلفًا؛ حيث صرح الدكتور جورج متي، رئيس قطاع التسويق بالشركة، بأنه لا توجد نية فورية لزيادة الأسعار، وأن الشركة تدرس الوضع بدقة قبل اتخاذ أي قرارات، في محاولة لامتصاص الصدمة في السوق وتفادي الضغط على المستهلك.
تأثير القرار على قطاع التطوير العقاري والمقاولات
أثار القرار ردود فعل واسعة داخل أوساط المطورين العقاريين وقطاع المقاولات، باعتبار أن الحديد عنصر أساسي في تكلفة البناء:
المهندس فتح الله فوزي، رئيس شركة مينا لاستشارات التطوير العقاري ورئيس لجنة التشييد بجمعية رجال الأعمال المصريين، حذر من أن الرسوم الجديدة سترفع أسعار الحديد محليًا، وبالتالي ستنعكس مباشرة على تكلفة المشروعات العقارية، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة أسعار الوحدات السكنية والتجارية، ويضغط على القدرة الشرائية للمواطنين.
فوزي شدّد على أن المطورين يواجهون بالفعل تحديات كبيرة للحفاظ على معدلات الربحية، وأن أي زيادات في مواد البناء قد تضطرهم لإعادة تسعير المنتجات النهائية، مما يؤثر على حركة المبيعات.
قطاع المقاولات بدوره أبدى مخاوف من أن القرار سيؤدي إلى زيادة تكلفة المشروعات القومية والخاصة، ما قد يضغط على الميزانيات ويؤخر وتيرة التنفيذ لبعض المشروعات تحت الإنشاء.
ما بين الحماية والصعوبات
يرى مؤيدو القرار أن فرض الرسوم يهدف بالأساس إلى حماية الصناعة الوطنية من الممارسات الضارة، والحفاظ على القدرة التنافسية للمصانع المحلية أمام تدفق الواردات بأسعار منخفضة.
في المقابل، يرى المطورون العقاريون وشركات المقاولات أن هذه الخطوة قد تُحدث اضطرابًا في السوق العقارية وتؤدي إلى موجة جديدة من ارتفاع الأسعار في وقت يشهد فيه السوق ركودًا نسبيًا.
توقعات مستقبلية
يتوقع خبراء سوق مواد البناء أن تشهد أسعار الحديد استقرارًا نسبيًا خلال الأسابيع القليلة المقبلة مع وجود تذبذب محدود، وذلك في انتظار وضوح تأثير الرسوم على حجم الواردات.
في حال التزم معظم المنتجين المحليين بعدم رفع الأسعار بشكل مبالغ فيه، فإن السوق قد يستوعب القرار تدريجيًا دون قفزات حادة.
لكن في المقابل، يُرجّح بعض المطورين أن يشهد الربع الأخير من 2025 زيادات طفيفة تتراوح بين 5 – 7% في أسعار الحديد، وهو ما قد ينعكس على العقارات الجديدة تحت التنفيذ.
أما في القطاع العقاري، فمن المتوقع أن يسعى المطورون إلى امتصاص جزء من الزيادة عبر خطط تسويقية وأنظمة سداد مرنة للحفاظ على وتيرة المبيعات، مع احتمال رفع أسعار الوحدات الجديدة بنسبة محدودة تراوح بين 3 – 5% بنهاية العام.
خلاصة المشهد
قرار وزارة التجارة والصناعة رقم (98) لسنة 2025 أعاد فتح النقاش بين حماية الصناعة المحلية وضمان استقرار الأسواق. وبينما تتحرك شركات الحديد بخطوات مختلفة تجاه الأسعار، يبقى الترقب سيد الموقف في أوساط المطورين والمستهلكين، في انتظار ما ستكشف عنه الأيام المقبلة من تأثير مباشر على أسعار الحديد والعقارات في مصر.









التعليقات مغلقة.