أوضح الخبير العقاري محمد فؤاد، المتخصص في ملف التطوير العقاري والتنمية العمرانية، أن القطاع العقاري المصري يمر بمرحلة حرجة تتطلب من جميع الأطراف المعنية إعادة النظر بشكل جذري في آليات التمويل العقاري الحالية، مؤكداً أن السوق بحاجة إلى “إعادة هندسة تمويلية” تواكب التطورات الاقتصادية والمالية، وتخدم مصالح المطورين والمشترين على حد سواء.
وأشار فؤاد إلى أن التمويل يعد العصب الرئيسي الذي يتحكم في حيوية واستدامة قطاع التطوير العقاري، لكنه أضاف أن نظم التمويل التقليدية القائمة اليوم لم تعد تلبي المتطلبات المتسارعة للسوق المصري، خاصة مع التغيرات الاقتصادية الكبرى التي فرضتها عوامل متعددة مثل التضخم، ارتفاع أسعار المواد الخام، وتغير سلوك المستهلكين.
وذكر أن من أبرز تحديات التمويل العقاري الحالية، اعتماد السوق بشكل كبير على التمويل الذاتي للمطورين أو القروض المصرفية التقليدية التي غالبًا ما تكون مقيدة بشروط صارمة ومرهقة، الأمر الذي يحد من قدرة المطورين على التوسع وتقديم مشروعات تلبي الطلب المتزايد، مشيرًا إلى أن هذا الوضع يؤدي إلى تباطؤ في تنفيذ المشروعات وتأخير التسليم.
وأضاف محمد فؤاد أن الحل يكمن في تطوير منظومة تمويلية مبتكرة ومتكاملة تعتمد على شراكات مالية استراتيجية بين القطاعين العام والخاص، وتوظيف أدوات تمويل جديدة مثل التمويل التشاركي، الصناديق العقارية، والتمويل البنكي المرن الذي يتماشى مع طبيعة السوق المصرية. وأشار إلى أن دمج التكنولوجيا المالية في هذه المنظومة سيعزز من الشفافية ويسهل إجراءات التمويل ويزيد من سرعة إنجاز المشروعات.
وأشار فؤاد إلى أهمية دعم الدولة لهذه الخطوات من خلال سياسات مالية محفزة وتسهيل إجراءات الحصول على التمويل للمطورين الجادين، مشيدًا بدور القيادة السياسية في دعم الاقتصاد الوطني، حيث قال: “لقد شهدنا خلال السنوات الماضية العديد من الإصلاحات الاقتصادية التي عززت من استقرار الاقتصاد الكلي، لكننا الآن في حاجة ماسة لأن تترافق هذه الإصلاحات مع حزمة من الإجراءات الخاصة بتنشيط قطاع التمويل العقاري بشكل مباشر.”
وأكد الخبير العقاري أن إعادة هندسة التمويل العقاري يجب أن تراعي خلق توازن بين مصالح المستثمرين والمشترين، من خلال فرض آليات رقابية تمنع الممارسات غير العادلة وتضمن التزام المطورين بمعايير الجودة والشفافية في التعاملات، ما سيعزز ثقة العملاء ويحفز زيادة الطلب على الوحدات السكنية والتجارية.
وذكر فؤاد أن القطاع العقاري هو من أهم القطاعات الداعمة للنمو الاقتصادي في مصر، لما له من تأثير مباشر على العديد من الصناعات المكملة مثل البناء، مواد التشطيب، والخدمات، وهو ما يجعل إعادة هندسة التمويل ضرورة حتمية ليس فقط لضمان استمرارية المشروعات بل ولتعزيز فرص العمل وتحفيز النمو الاقتصادي بشكل عام.
واختتم محمد فؤاد تصريحه قائلاً:
“القطاع العقاري يواجه تحديات تمويلية كبيرة تحتاج إلى حلول جذرية وابتكارية، ونحن على أبواب مرحلة جديدة من التطوير يجب أن نستثمر فيها كل أدوات التمويل الحديثة، ونؤسس لمنظومة تمويلية مرنة وشفافة تلبي طموحات السوق، وتدعم توجهات الدولة في التنمية المستدامة، وهذا لن يتحقق إلا بتكاتف الجميع من مؤسسات مالية، مطورين، ودولة، لتحقيق مستقبل أكثر إشراقًا للقطاع وللاقتصاد الوطني.
التعليقات مغلقة.