جريدة اخبارية شاملة
رئيس التحرير طارق شلتوت
رئيسي 01 إيفر

الدكتور عاطف عبد اللطيف يكتب : جمعيات المستثمرين درع وطني في معركة البناء

في وقتٍ تتجه فيه الأنظار إلى مستقبل السياحة كأحد أعمدة الاقتصاد الوطني، تظل جمعيات المستثمرين السياحيين في مصر نموذجًا حيًا للعمل الوطني الصادق، الذي امتد لأكثر من ثلاثين عامًا، خاصة في المناطق التي كانت خارج حسابات التنمية مثل جنوب سيناء، مرسى علم، البحر الأحمر والساحل الشمالي.

لقد شهدت هذه المناطق نقلة نوعية غير مسبوقة، ليس بفضل الدعم الحكومي وحده، بل من خلال جهود جمعيات تأسست بإيمان راسخ بأن التنمية ليست خيارًا بل واجب. فالجمعيات لم تأتِ بقرار، وإنما جاءت كضرورة حتمية، لخلق منظومة تنسيق قوية بين الدولة والمستثمرين، ودفع عجلة التنمية في أصعب الظروف.

- Advertisement -

من ساحات الصحراء إلى واجهات السياحة العالمية

قبل عقود، لم تكن الكهرباء، أو المياه، أو الطرق، أو حتى الخرائط الجغرافية واضحة في هذه المناطق. لكن عبر جهود صبورة ومستمرة، ساهمت الجمعيات في تحويل الصحارى إلى وجهات عالمية. أكثر من 400 فندق ومنتجع أُنشئوا خلال العشرين عامًا الأخيرة فقط في البحر الأحمر، مرسى علم، جنوب سيناء، والساحل الشمالي. هذه ليست مجرد أرقام، بل إنجازات حقيقية نتجت عن كفاح مستمر لمجموعة من رواد القطاع السياحي الذين آمنوا بأن مصر تستحق أن تكون على خريطة السياحة العالمية بقوة.

أدوار حقيقية لا تُنكر:
• جسر فعّال بين الدولة والمستثمرين لتسهيل الإجراءات، وتذليل العقبات، ودفع عجلة التنمية.
• قوة اقتراح وتنسيق في القوانين والسياسات المنظمة للقطاع، من داخل الميدان لا من خلف المكاتب.
• صوت مجتمعي مسؤول يهتم بالتعليم، الصحة، والبنية التحتية في مجتمعات كانت محرومة من كل شيء.
• شريك في التنمية المستدامة، يراعي التوازن البيئي، ويحترم طبيعة المناطق البكر.

من قلب الميدان.. لا من خلف الشاشات

من خلال خبرتي في العمل العام على مدار أكثر من ثلاثين عامًا، رأيت عن قرب حجم التحديات والمعوقات، وكنت جزءًا من معارك يومية تُخاض من أجل بلد وسياحة وتنمية. لم تكن المعارك إعلامية، بل كانت على الأرض، وسط ملفات معقدة ومطالب مجتمعية وواقع يتطلب منّا أن نبتكر ونقاتل ونبادر.

أسسنا هذه الجمعيات لأننا كنا بحاجة لمنظومة تسعى لا لحلول وقتية، بل لتنمية جذرية. كنا وما زلنا نحمل مسؤولية حماية الاستثمار، وتمكين الدولة من تحقيق أقصى استفادة من قدراتها السياحية الهائلة، وخاصة في المناطق البعيدة عن المركز.

ولا يمكن تقييم دور جمعيات المستثمرين السياحيين من خلال الأرقام المجردة أو من خلف المكاتب فقط، فهذه الكيانات لم تُنشأ لمجرد التمثيل أو الشكل، بل نشأت من واقع الحاجة الملحة لتنظيم الجهود، وتوحيد الرؤى، والتنسيق مع الدولة، خاصة في مناطق كانت في أمسّ الحاجة إلى التنمية والدعم.

لقد كانت هذه الجمعيات جزءًا من منظومة وطنية تُؤمن بأن العمل المشترك بين الدولة والقطاع الخاص هو الأساس لتحقيق تنمية حقيقية، ومستقبل سياحي أكثر استقرارًا وتوازنًا.

ومع خالص الشكر والتقدير للدولة على ما تبذله من جهود متواصلة في دعم القطاع السياحي، فإننا نُثمن الدور الكبير الذي تقوم به وزارة السياحة والآثار في التنسيق المستمر مع جمعيات المستثمرين، وتوفير المناخ المناسب لحل المشكلات، وفتح آفاق جديدة للاستثمار، وتيسير العمل المشترك بين الحكومة والقطاع الخاص.

لقد منحتنا الدولة دورًا حقيقيًا في التنظيم والتنسيق، وتحملنا هذه المسؤولية بإخلاص، إيمانًا بأن التنمية السياحية ليست مسؤولية جهة واحدة، بل شراكة وطنية تتكامل فيها كل الأدوار، وتُبنى على الثقة والالتزام والعمل.

عاطف عبد اللطيف
عضو مؤسس في جمعيات المستثمرين السياحيين
30 عامًا من العمل العام وخدمة القطاع السياحي والمجتمعات النائية

التعليقات مغلقة.